عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٤٥
التي تضرب بها العقرب والزنبور، وأصل حمة حمو أو حمى، والهاء عوض عن الواو أو الياء وجمعها: حمون وحمات، كما قالوا برة وبرون وبرأت، قاله كراع. وقال: كأنها مأخوذة من حميت النار تحمى إذا اشتدت حرارتها، وفي (كتاب اليواقيت) للمطرزي: حمة بالتشديد، وقال الجاحظ: من سمى إبرة العقرب حمة فقد أخطأ، وإنما الحمة سموم ذوات الشعر: كالدبر وذوات الأنياب والأسنان كالأفاعي وسائر الحيات، وكسموم ذوات الإبر من العقارب، ومعنى قول سهل بن حنيف: إلا من نفس، هو العين يقال: أصابت فلانا نفس أي: عين، والنملة في حديث أنس قروح تخرج في الجنب، وقال ابن الأثير: وقد جاء في بعض الأحاديث جواز الرقية، وفي بعضها النهي. والأحاديث في القسمين كثيرة، ووجه الجمع بينهما أن الرقى يكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة، وأن يعتقد أن الرقيا نافعة لا محالة فيتكل عليها، وإياها أراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ما توكل من استرقى، ولا يكره منها ما كان بخلاف ذلك كالتعوذ بالقرآن وأسماء الله والرقى المروية، وقال أيضا: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا رقية إلا من عين أو حمة، لا رقية أولى وأنفع، وهذا كما قيل: لا فتى إلا علي، وقد أمر صلى الله عليه وسلم غير واحد من الصحابة بالرقية، وسمع بجماعة يرقون فلم ينكر عليهم. وقال الخطابي: لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما، وإنما المراد: لا رقية أحق وأولى من رقية العين والحمة لشدة الضرر فيهما. قوله: (فذكرته لسعيد بن جبير) القائل بذلك هو حصين بن عبد الرحمن. قوله: (ومعهم الرهط) وهو من الرجال ما دون العشرة. وقيل: إلى الأربعين، ولا يكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه، ويجمع على أرهط وأرهاط، وأراهط جمع الجمع. قوله: (والنبي ليس معه أحد) قيل: النبي هو المخبر عن الله للخلق فأين الذين أخبرهم؟ وأجيب: بأنه ربما أخبروا لم يؤمن به أحد ولا يكون معه إلا المؤمن. قوله: (حتى رفع لي سواد) هذا رواية الكشميهني: حتى رفع، بالراء والفاء وبلفظ لي، وفي رواية غيره: حتى وقع في سواد، بواو وقاف وبلفظ: في قوله: (بغير حساب) قيل: هل يدخلون وإن كانوا أصحاب معاصي ومظالم؟ وأجيب: بأن الذين كانوا بهذه الأوصاف الأربعة لا يكونون إلا عدولا مطهرين من الذنوب، أو ببركة هذه الصفات يغفر الله لهم ويعفو عنهم. قوله: (ثم دخل) أي: الحجرة ولم يبين للصحابة من السبعون. قوله: (فأفاض القوم) ويقال: أفاض القوم في الحديث إذا اندفعوا فيه وناظروا عليه. قوله: (هم الذين لا يسترقون) قال أبو الحسن القابسي: يريد بالاسترقاء الذي كانوا يسترقون به في الجاهلية، غ وأما الاسترقاء بكتاب الله فقد فعله صلى الله عليه وسلم وأمر به وليس بمخرج عن التوكل. قوله: (ولا يتطيرون) أي: لا يتشاءمون بالطيور ونحوها كما كانت عادتهم قبل الإسلام، والطيرة ما يكون في الشر والفأل ما يكون في الخير، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل. قوله: (ولا يكتوون) يعني: لا يعتقدون أن الشفاء من الكي كما كان عليه اعتقاد أهل الجاهلية. قوله: (وعلى ربهم يتوكلون) والتوكل تفويض الأمر إلى الله تعالى في ترتيب المسببات على الأسباب. قوله: (أمنهم أنا؟) الهمزة فيه للاستفهام على وجه الاستخبار والاستعلام. قوله: (فقام آخر) قال الخطيب: هذا الرجل سعد بن عبادة، وقيل: إن الرجل الثاني كان منافقا فأراد النبي صلى الله عليه وسلم التسر له والإبقاء عليه لعله أن يتوب فرده ردا جميلا. قال الكرماني: لو صح هذا بطل قول الخطيب، والله أعلم. قوله: (سبقك بها عكاشة) أي: في الفضل إلى منزلة أصحاب هذه الأوصاف الأربعة. وقيل: يحتمل أن يكون سبقك عكاشة بوحي أنه يجاب فيه. ولم يحصل ذلك للآخر.
18 ((باب الإثمد: والكحل من الرمد)) أي: هذا باب في بيان الإثمد، بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة وكسر الميم وبالدال المهلمة، وحكي ضم الهمزة وهو حجر يكتحل به. وفي (المحكم): هو حجر يتخذ منه الكحل، وقيل: هو نفس الكحل وقد عطف البخاري الكحل على الإثمد فدل على أن الكحل غير الإثمد، والإثمد هو حجر معروف يكتحل به بعد صحنه كما ينبغي، والكحل أعم من الإثمد ومن غيره، فعلى هذا يكون من باب عطف العام على الخاص. قوله: (من الرمد) أي: من علة الرمد وكلمة من تعليلية والرمد بفتحتين: ورم حار يعرض في الطبقة الملتحمة من العين وهو بياضها الظاهر وسببه انصباب أحد الأخلاط أو أبخرة
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»