عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٧٠
أهل الكتاب، وأشار إليه البخاري بإيراد حديثه في هذا الباب: وعن ابن عباس: أن الله تعالى استثنى من ذلك نساء أهل الكتاب فخصت هذه الآية بالآية التي في المائدة، وهي قوله عز وجل: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * (المائدة: 5) وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (البقرة: 122) فنكح الناس نساء أهل الكتاب، ونكح جماعة من الصحابة نساء نصرانيات، ولم يروا بذلك بأسا، وقال أبو عبيد: وبه جاءت الآثار، وعن الصحابة والتابعين وأهل العلم بعدهم: أن نكاح الكتابيات حلال، وبه قال مالك والأوزاعي والثوري والكوفيون والشافعي وعامة العلماء، وقال غيره: ولا يروى خلاف ذلك إلا عن ابن عمر، فإنه شذ عن جماعة الصحابة والتابعين ولم يجز نكاح اليهودية والنصرانية وخالف ظاهر قوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ولم يلتفت أحد من العلماء إلى قوله: (وقد تزوج) عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافضة الكلبية، وهي نصرانية تزوجها بن علي نسائه، وتزوج طلحة بن عبيد الله يهودية، وتزوج حذيفة يهودية وعنده حرتان مسلمتان، وعنه إباحة نكاح المجوسية، وتأول قوله تعالى: * (ولأمة مؤمنة خير من مشركة) * (البقرة: 122) بن علي أن هذا ليس بلفظ التحريم، وقيل: بني بن علي أن لهم كتابا. فإن قلت: روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس عن الصلت عن شقيق بن سلمة، قال: تزوج حذيفة يهودية، ومن طريق أخرى: وعنده عربيتان، فكتب إليه عمر رضي الله تعالى عنه: أنه خل سبيلها. قلت: أرسل حذيفة إليه: أحرام هي؟ فكتب إليه عمر: لا، ولكن أخاف أن يتواقع المؤمنات منهن؟ يعني الزواني منهن، وقال أبو عبيد: والمسلمون اليوم بن علي الرخصة في نساء أهل الكتاب، ويرون أن التحليل ناسخ للتحريم، قلت: فدل هذا بن علي أن قوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات) * (البقرة: 122) منسوخ بقوله تعالى: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) * (المائدة: 5) وروى أيضا عن ابن عباس أنه قال: إن آية البقرة منسوخة بآية المائدة، وقيل: المراد بقوله: * (ولا تنكحوا المشركات) * (البقرة: 122) يعني من عبدة الأوثان. وقال ابن كثير في (تفسيره) * (والمحصنات من المؤمنات) * (المائدة: 5) قيل: الحرائر دون الإماء؟ والظاهر أن المراد بالمحصنات العفائف عن الزنا، كما قال في آية أخرى: * (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) * (النساء: 52) ثم اختلف المفسرون أنه: هل يعم كل كتابية عفيفة سواء كانت حرة أو أمة؟ فقيل: الحرائر العفيفات، وقيل: المراد بأهل الكتاب ههنا الإسرائيليات، وهو مذهب الشافعي، وقيل: المراد بذلك الذميات دون الحربيات، والله أعلم.
5825 حدثنا قتيبة حدثنا ل يث عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات بن علي المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله.
مطابقته للترجمة من حيث إن ابن عمر قد عمل بعموم الآية التي هي الترجمة ولم يرها مخصوصة ولا منسوخة.
وهذا الحديث من أفراده.
قوله: (أكبر)، بالباء الموحدة وبالمثلثة، وهو إشارة إلى ما قالت النصارى: المسيح ابن الله، واليهود قالوا: عزير ابن الله قوله: (وهو) أي عيسى عليه السلام عبد من عباد الله.
91 ((باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن)) أي: هذا باب في بيان حكم من أسلم من المشركات وبيان حم عدتهن؛ فإذا أسلمت المشركة وهاجرت إلى المسلمين فقد وقعت الفرقة بإسلامها بينها وبين زوجها الكافر عند جماعة الفقهاء، ووجب استبراؤها بثلاث حيض ثم تحل للأزواج، هذا قول مالك والليث والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة، رضي الله عنه: لا عدة عليها، وإنما عليها استبراء رحمها بحيضة، واحتج بأن العدة إنما تكون عن طلاق، وإسلامها فسخ وليس بطلاق.
6825 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج، وقال عطاء عن ابن عباس: كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»