عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٨٢
عمر ما رواه البيهقي من حديث القواريري: حدثتنا عليلة بنت الكميت عن أمها أميمة بنت رزينة عن أمها رزينة، قالت: لما كان يوم قريظة والنضير جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية يقودها سبية حتى فتح الله عليه وذراعها في يده، فأعتقها وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة. قلت: رزينة، بضم الراء وفتح الزاي وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون: خادمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن المرابط: قول أنس: أصدقها نفسها، أنه من رأيه وظنه، وإنما قال ذلك مدافعة للسائر. ألا ترى أنه قال: فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين؟ فكيف علم أنس أنه أصدقها نفسها قبل ذلك؟ وقد صح عنه أنه يعلم أنها زوجته إلا بالحجاب، فدل أن قوله هذا لم يشهده بن علي نبينا صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وإنما ظنه أنس والناس معه ظنا، مع أن كتاب الله أحق أن يتبع قال: * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * (الأحزاب: 05) الآية فهذا يدل بن علي أنه أعتقها وخيرها في نفسها فاختارته صلى الله عليه وسلم فنكحها بما خصه الله تعالى بغير صداق، وأما وجه النظر فيه أنا إذا جعلنا العتق صداقا. فإما أن يتقرر العتق حالة الرق وهو محال لتناقضهما، أو حالة الحرية فيلزم سبقيته بن علي العقد، فيلزم وجود العتق فرض عدمه وهو محال، لأن الصداق لا بد أن يتقدم تقرره بن علي الزوج إما نصا وإما حكما حتى تملك الزوجة طلبه، وإن لم يتعين لها حالة العقد شيء، لكنها تملك المطالبة، فثبت أنه ثابت لها حالة العقد شيء يطالب به الزوج، ولا يتأتى مثل ذلك في العتق، فاستحال أن يكون صداقا، فافهم. وقال ابن الجوزي: فإن قيل: ثواب العتق عظيم، فكيف فوته حيث جعله مهرا وكان يمكن جعل المهر غيره؟ فالجواب أن صفية بنت مالك ومثلها لا يقنع في المهر إلا بالكثير ولم يكن عنده صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ما يرضيها به، ولم ير أن يقصر بها فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من المال الكثير.
41 ((باب تزويج المعسر لقوله تعالى * ((24) إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) * (النور: 23)) أي: هذا باب في بيان جواز تزويج المعسر، واستدل عليه بقوله تعالى: * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) * (النور: 23)، وحاصل المعنى: أن الأعسار في الحال لا يمنع التزويج لاحتمال حصول المال في المآل.
7805 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! جئت أهب لك نفسي. قال: فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: وهل عندك من شيء؟ قال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا، فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظر لو خاتما من جديث. فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله، ولا خاتما من حديد ولاكن هاذا إزاري، قال: سهل: ماله رداء فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصن بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك شيء؟ فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، عددها، فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم. قال: إذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز بن أبي حازم، بالحاء المهملة والزاي، يروي عن أبيه أبي حازم سلمة بن دينار، وهذه الترجمة ذكرها البخاري فيما قبل في كتاب النكاح بقوله: باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، وقال فيه: سهل عن
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»