عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٨١
ما رأيت أحدا ذكر وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة، ولكن له مناسبة للحديث السابق من حيث مجيء النصر في حق كل ممن ذكر فيها بعد اليأس، فيكون هذا مطابقا للحديث السابق من هذا الوجه، ثم نقول: المطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء.
ورجاله ذكروا غير مرة.
قوله: (أرأيت) أي: أخبريني. قوله: (وقوله) أي: قول الله تعالى * (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) * (يوسف: 011). وتمام الآية: * (جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) * (يوسف: 011). قوله: (إذا استيأس الرسل) من اليأس وهو القنوط، ونذكر بقية الكلام فيه عن قريب. قوله: (وظنوا) أي: الرسل ظنوا أنهم كذبوا، وفهم عروة من ظاهر الكلام: أن نسبة الظن بالتكذيب لا يليق في حق الرسل، فقالت له عائشة: ليس كما زعمت، بل معناه ما أشارت إليه بقوله بكلمة الإضراب: بل كذبهم قومهم، في وعد العذاب، وقريب منه ما روي عن ابن عباس: وظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر، وقال الزمخشري: وظنوا أنهم قد كذبوا، أي: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون. قوله: (فقلت)، القائل هو عروة، فكأنه أشكل عليه قوله: وظنوا لأنهم تيقنوا، وما ظنوا، فقال: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم، فردت عليه عائشة بقولها يا عرية لقد استيقنوا بذلك، وأشارت بذلك أن الظن هنا بمعنى اليقين كما في قوله تعالى: * (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) * (التوبة: 811). أي: تيقنوا، ثم عاد عروة إليها فقال: أو كذبوا، بالتخفيف، ولفظ القرآن على لفظ الفاعل على معنى: وظن الرسل أنهم قد كذبوا فيما حدثوا به قومهم، فأجابت عائشة بقولها: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، وأشارت بذلك إلى ما فهمه عروة منه، ولما لم ترض عائشة بما قاله في الموضعين خاطبته بقولها: يا عرية بالتصغير ولكنه تصغير الشفقة والمحبة والدلال، وليس تصغير التحقير، وأصلها: عريوة، اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. قوله: (وأما هذه الآية)، جواب: أما محذوف تقديره: فالمراد من الظانين فيها هم أتباع الرسل... إلى آخره.
قال أبو عبد الله استيأسوا افتعلوا من يئست منه من يوسف أبو عبد الله هو البخاري نفسه. قوله: (افتعلوا)، يعني: وزن استيأسوا افتعلوا وليس كذلك، بل وزنه: استفعلوا والسين والتاء فيه زائدتان للمبالغة. وقال الكرماني: استيأسوا استفعلوا، وفي بعض النسخ: افتعلوا، وغرضه بيان المعنى، وأن الطلب ليس مقصودا فيه ولا بيان الوزن والاشتقاق. قلت: قال بعضهم في كثير من الروايات: افتعلوا، وقوله: إن الطلب ليس مقصودا منه، كلام واه لأن من قال: إن السين فيه للطلب، قال: ليس إلا للمبالغة كما ذكرناه، نص الزمخشري عليه في قوله تعالى: * (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) * (يوسف: 08). قوله: ولا بيان الوزن، أيضا كلام واه لأنه إذا لم يكن مراده بيان الوزن لم قال: استيأسوا افتعلوا؟ وهذا عين بيان الوزن، والظاهر أن مثل هذا من قصور اليد في علم التصريف.
* (لا تيأسوا من روح الله) * (يوسف: 78). معناه الرجاء أشار بهذا إلى أن الروح في قوله تعالى: * (لا تيأسوا من روح الله) * (يوسف: 78). بمعنى: الرجاء، وعن قتادة: أي لا تيأسوا من رحمة الله، كذا رواه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن بشير عنه.
0933 أخبرني عبدة حدثنا عبد الصمد عن عبد الرحمان عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكريم ابن الكريم بن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن أسحااق ابن إبراهيم عليهم السلام. (انظر الحديث 2833 وطرفه).
عبدة، بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة: ابن عبد الله أبو سهل الصفار الخزاعي البصري، مات بالأهواز سنة ثمان وخمسين ومائتين وهو من أفراده، وفي بعض النسخ: حدثنا عبدة، وفي الستة: عبدة بن سليمان الكلابي، وعبدة ابن أبي لبابة تابعي كوفي نزل دمشق، روى له الجماعة ما خلا أبا داود، وعبدة بن سليمان المروزي نزل المصيصة صاحب ابن المبارك. روى عنه أبو داود، وقيل: روى عنه البخاري أيضا، ذكره ابن عدي ولم يذكر غيره، وعبدة بن عبد الرحيم
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»