عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢١١
زيادة الكبد هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد، وهي أطيبها، وهي في غاية اللذة. وقيل: هي أهنؤ طعام وأمرؤه. قوله: (إذا غشي المرأة)، أي: إذا جامعها. قوله: (بهت)، بضم الباء الموحدة وضم الهاء وسكونها: جمع بهوت، وهو كثير البهتان، ويقال: بهت، أي: كذابون وممارون لا يرجعون إلى الحق. قوله: (أخيرنا)، أفعل التفضيل من الخير، وهذا دليل من قال: إن أفعل التفضيل بلفظ الأخير مستعمل، ويقال: يروى: أخبرنا، بالباء الموحدة من الخبرة.
0333 حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه يعني لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها. (الحديث 0333 طرفه في: 9933).
مطابقته للترجمة يمكن أن تكون من حيث إن خلق حواء مضاف إلى خلق آدم صلى الله عليه وسلم. وبشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن محمد أبو محمد المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي.
قوله: (نحوه)، قال بعضهم: لم يسبق للمتن المذكور طريق يعود عليها هذا الضمير، فكأنه يشير إلى أن اللفظ الذي حدثه به شيخه فهو بمعنى اللفظ الذي ساقه. قلت: هذا ما فيه كفاية للمقصود، ولا له التئام من جهة التركيب، لأن الذي يذوق دقائق التراكيب ما يرضى بهذا الذي ذكره، بل الظاهر أن ههنا وقع سقط جملة، لأن لفظة: نحوه، أو: مثله، لا يذكر إلا إذا مضى حديث بسند ومتن، ثم إذا أريد إعادته بذكر سند آخر يذكر سنده ويذكر عقيبة لفظ: نحوه، أو: مثله. أي: نحو المذكور، ولا يعاد ذكر المتن اكتفاء بذكر السند فقط، لأن لفظ: نحوه، ينبئ عن ذلك، والذي يظهر لي بالحدس أن البخاري روى قبل هذا: عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر). ثم رواه عن بشر بن محمد عن عبد الله عن معمر عن همام عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: نحوه، أي: نحو الحديث المذكور، ثم فسر ذلك بقوله: (يعني: لولا بنو إسرائيل...) إلى آخره وإنما ذكر لفظ: يعني، إشارة إلى أن المتن الذي ذكره عبد الله بن المبارك عن معمر يغاير المتن الذي رواه عبد الرزاق عن معمر ببعض زيادة، وهو قوله: لم يخبث الطعام، وفي آخره لفظ: الدهر، والبخاري روى عن محمد بن رافع بن أبي زيد النيسابوري، وروى عنه مسلم أيضا. والحديث الذي ذكرناه هو بعينه رواية مسلم، ولا مانع أن يتفقا على الرواية عن محمد بن رافع هذا الحديث، فهذا الذي ظهر لنا والله أعلم. قوله: (لم يخنز اللحم)، بالخاء المعجمة وفتح النون وبالزاي، أي: لم ينتن، ويقال أيضا: خنز، بكسر النون يخنز بفتحها من باب علم يعلم، والأول من باب ضرب يضرب، ويقال أيضا: خزن يخزن على القلب مثل: جبذ وجذب. وقال ابن سيده: خنز اللحم والتمر والجوز خنوزا فهو خنز إذا فسد، وعن قتادة: كان المن والسلوى يسقط على بني إسرائيل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كسقوط الثلج، فيؤخذ منه بقدر ما يغني ذلك اليوم إلا يوم الجمعة فإنهم يأخذون له وللسبت، فإن تعدوا إلى أكثر من ذلك فسد ما ادخروا، فكان ادخارهم فسادا للأطعمة عليهم وعلى غيرهم. وقال بعضهم: لما نزلت المائدة عليهم أمروا أن لا يدخروا فادخروا، وقيل: يحتمل أن يكون من اعتدائهم في السبت، وقيل: كان سببه أنهم أمروا بترك ادخار السلوى فادخروه حتى أنتن، فاستمر نتن اللحوم من ذلك الوقت، أو لما صار الماء في أفواههم دما وانتنوا بذلك سرى ذلك النتن إلى اللحم وغيره عقوبة لهم. وفي (الحلية) لأبي نعيم: عن وهب بن منبه، قال: وجدت في بعض الكتب عن الله تعالى: لولا أني كتبت الفناء على الميت لحبسه أهله في بيوتهم، ولولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنته الأغنياء عن الفقراء. قوله: (ولولا حواء، عليها الصلاة والسلام)، حواء بالمد، سميت بذلك لأنها أم كل حي، أو لأنها خلقت من ضلع آدم صلى الله عليه وسلم القصيري اليسرى، وهو حي قبل دخوله الجنة. وقيل: فيها. ومعنى: خلقت، أخرجت كما تخرج النخلة من النواة، ومعنى: * (لولا حواء لم تخن أنثى زوجها) * أنها دعت آدم إلى الأكل من تلك الشجرة، وذكر الماوردي أنها: البر، وقيل: التين، وقيل: الكافور، وقيل: الكرم، وقيل: شجرة الخلد التي كانت الملائكة تأكل منها.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»