عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢١٦
موجودة قبل الأجساد وإنها تبقى بعد فناء الأجساد ويؤيده ' أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ' قوله ' فما تعارف منها ' تعارفها موافقة صفاتها التي خلقها الله عليها وتناسبها في أخلاقها وقيل لأنها خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسادها فمن وافق قسيمه ألفه ومن باعده نافره وقال الخطابي فيه وجهان. أحدهما أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر وإن الخير من الناس يحن إلى شكله والشرير يميل إلى نظيره والأرواح إنما تتعارف بضرائب طباعها التي جبلت عليها من الخير والشر فإذا اتفقت الأشكال تعارفت وتألفت وإذا اختلفت تنافرت وتناكرت. والآخر أنه روي أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد وكانت تلتقي فلما التسبت بالأجساد تعارفت بالذكر الأول فصار كل واحد منها إنما يعرف وينكر على ما سبق له من العهد المتقدم وقال القرطبي إذا وجد أحد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح يفتش عن الموجب لها فإنه ينكشف له فيتعين عليه أن يسعى في إزالة ذلك حتى يتخلص من ذلك الوصف المذموم وكذلك القول إذا وجد في نفسه ميلا إلى من فيه شر وشبهة وشاع في كلام الناس قولهم المناسبة تؤلف بين الأشخاص والشخص يؤلف بين شكله ولما نزل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الكوفة قال يا أهل الكوفة قد علمنا خيركم من شريركم فقالوا لم ذلك قال كان معنا ناس من الأخيار فنزلوا عند ناس فعلمنا أنهم من الأخيار وكان معنا ناس من الأشرار فنزلوا عند ناس فعلمنا أنهم من الأشرار وكان كما قال الشاعر * عن المرء لا تسل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي * (وقال يحيى بن أيوب حدثني يحيى بن سعيد بهذا) يحيى بن أيوب الغافقي المصري ويحيى بن سعيد هو الذي مضى عن قريب قوله ' مثله ' أي مثل الذي قبله وقد وصله الإسماعيلي من طريق سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب به * - 3 ((باب الأرواح جنود مجندة)) أي: هذا باب يذكر فيه: الأرواح جنود مجندة، والآن يأتي تفسيره، ووجه ذكر هذه الترجمة عقيب ترجمة: خلق آدم، الإشارة إلى أن بني آدم مركبة من الأجسام والأرواح.
3 ((باب قول الله عز وجل * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) * (هود: 52).)) أي: هذا باب معقود في قول الله عز وجل: * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) * (هود: 52). وهو نوح بن لمك، بفتح اللام وسكون الميم، وقيل: لمك بفتحتين، وقيل: لامك، بفتح الميم وكسرها. وقال ابن هشام: بالعبرانية لا مخ، بفتح الميم وفي آخره خاء معجمة، وبالعربية: لمك، وبالسريانية: لمخ، وتفسيره: متواضع، ويقال: لمكان، ويقال: ملكان بتقديم الميم على اللام. وقال السهيلي: ولمك هو أول من اتخذ العود للغناء، واتخذ مصانع الماء وهو ابن متوشلخ، بفتح الميم وضم التاء المثناة من فوق المشددة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة واللام وفي آخره خاء معجمة، كذا ضبطه ابن المصري، وضبطه أبو العباس عبد الله بن محمد الفاسي في قصيدة يمدح بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي طويلة ذكرتها في أول (معاني الأخبار) في: رجال معاني الآثار، بضم الميم وفتح التاء والواو وسكون الشين وكسر اللام وبالخاء المعجمة. وقال السهيلي: بضم الميم وفتح التاء وسكون الواو، ومنهم من ضبط في آخره بالحاء المهملة ومعناه في الكل: مات الرسول، لأن أباه كان رسولا، وهو خنوخ، بفتح الخاء المعجمة وضم النون وسكون الواو، وفي آخره معجمة أخرى، ويقال بالحاء المهملة في أوله، ويقال: بالمهملتين ويقال: أخنوخ بزيادة همزة في أوله، ويقال: أخنخ بإسقاط الواو، ويقال أهنخ بالهاء بعد الهمزة، ومعناه على الاختلاف بالعربية: إدريس، عليه الصلاة والسلام، سمي بذلك لكثرة درسه الكتب، وصحف آدم وشيث، وأمه أشوت، وأدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين وهو ابن يارد بالياء آخر الحروف وفتح الراء، كذا ضبطه أبو عمر، وكذا ضبطه النسابة الجواني إلا أنه قال: بالذال المعجمة، وقيل: يرد، بفتح الياء وسكون الراء، قال ابن هشام: اسمه في التوراة يارد، وهو عبراني، وتفسيره: ضابط، واسمه في الإنجيل بالسريانية، يرد، وتفسيره بالعربي: ضبط، وقيل: اسمه رائد ولم يثبت، وهو ابن مهلائيل، بفتح الميم وسكون الهاء وبالهمز، وقد يقال بالياء بلا همز، ومعناه: الممدح، وقال ابن هشام: مهليل بفتح الميم وسكون الهاء وكسر اللام، وهو اسم عبراني، واسمه بالعربية: ممدوح، وقال السهيلي: واسمه بالسريانية في الإنجيل: نابل، بالنون وبالباء الموحدة وتفسيره بالعربية: مسيح الله، وفي زمنه كان بدء عبادة الأصنام، وهو ابن قينان بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبالنونين بينهما ألف، ومعناه المستولي، وجاء فيه: قينين وقاين، واسمه
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»