عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٠٨
للفوائد. والله تعالى أعلم بمقصوده. قلت: لا يخلو عن زيادة فائدة، ولكن كتابه موضوع لبيان الأحاديث لا لبيان اللغات لألفاظ القرآن.
حمإ جمع حمأة وهو الطين المتغير أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (من حمإ مسنون) * (الحجر: 62، 82، 33). وقال: الحمأ جمع حمأة، ثم فسره بقوله: وهو الطين المتغير، وكذا فسره أبو عبيدة.
يخصفان أخذا الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) * (طه: 121). ثم فسر: يخصفان، بقوله: أخذا، أي آدم وحواء، عليهما السلام، الخصاف، وهو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الصاد المهملة: جمع خصفة، بالتحريك وهي الحلة التي تعمل من الخوص للتمر. ويجمع على: خصف، أيضا بفتحتين. قوله: (يؤلفان الورق) أي: ورق الشجر، ويخصفان يعني: يلزقان بعضه ببعض ليسترا به عوراتهما، وكذلك الإختصاف، ومنه قرأ الحسن: يخصفان، بالتشديد إلا أنه أدغم التاء في الصاد. وعن مجاهد في (تفسير) قوله: (يخصفان)، أي: يرقعان كهيئة الثوب، وتقول العرب: خصفت النعل أي: خرزتها.
وسوآتهما كناية عن فرجهما أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (بدت لهما سوآتهما) * (طه: 121). ثم فسر السوأة بأنها كناية عن الفرج، وكذا فسره أبو عبيدة، وفرجهما بالإفراد، ويروى: وفرجيهما، بالتثنية والضمير يرجع إلى آدم وحواء.
ومتاع إلى حين هاهنا إلى يوم القيامة والحين عند العرب من ساعة إلي ما لا يحصى عدده أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) * (البقرة: 63، والأعراف: 42). ثم فسر الحين بأنه إلى يوم القيامة، وكذا رواه الطبري بإسناده عن ابن عباس، وأشار بقوله: (والحين عند العرب...) إلى أن لفظ: الحين، يستعمل لمعان كثيرة، والحاصل أن الحين في الأصل بمعنى الوقت.
قبيله جيله الذي هو منهم أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (إنه يراكم هو وقبيله) * (الأعراف: 72). ثم فسر قبيله، أي: قبيل الشيطان بأنه جيله، بكسر الجيم، أي: جماعته الذين هو أي الشيطان منهم، وروى الطبري عن مجاهد في قوله: وقبيله، قال: الجن والشياطين.
6233 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال إذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن. (الحديث 6233 طرفه في: 7226).
مطابقته للترجمة ظاهرة، لا سيما إذا كان المراد من الخليفة في الآية المذكورة هو آدم، عليه الصلاة والسلام، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهمام بن منبه الأنباري الصنعاني أخو وهب بن منبه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاستئذان عن يحيى بن جعفر، وأخرجه مسلم في صفة الجنة عن محمد بن رافع.
قوله: (وطوله)، الواو فيه للحال. قوله: (ستون ذراعا)، قال ابن التين: المراد ذراعنا، لأن ذراع كل أحد مثل ربعه، ولو كانت بذراعه لكانت يده قصيرة في جنب طول جسمه كالإصبع والظفر، وقيل: يحتمل
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»