عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٥٤
ورد عليه ابن التين وقال الظاهر خلافه وأنه من قوله قوله ' قرة أعين ' قال الزمخشري قوله تعالى * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم) * لا تعلم النفوس كلهن ولا نفس واحدة منهن ولا ملك مقرب ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب ادخره الله تعالى لأولئك وأخفاه عن جميع خلائقه لا يعلمه إلا هو مما تقر به عيونهم ولا مزيد على هذه العدة ولا مطمح وراءها انتهى ويقال أقر الله عينك ومعناه أبرد الله تعالى دمعتها لأن دمعة الفرح باردة حكاه الأصمعي وقال غيره معناه بلغك الله أمنيتك حتى ترضى به نفسك فلا تستشرف إلى غيره * - 5423 حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب أمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألاوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا..
عبد الله هو ابن المبارك. والحديث أخرجه الترمذي في صفة الجنة أيضا عن سويد بن نصر عن ابن المبارك أيضا، وقال: حديث صحيح.
قوله: (أول زمرة) أي: جماعة. قوله: (تلج)، أي: تدخل من: ولج يلج ولوجا. قوله: (صورتهم على صورة القمر ليلة البدر) أي: في الإضاءة، وسيأتي في الرقاق بلفظ: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر، ويجيء هنا في الرواية الثانية، والذين على آثارهم كأشد كوكب إضاءة. قوله: (لا يبصقون)، من البصاق (ولا يمتخطون) من المخاط (ولا يتغوطون) من الغائط وهو كناية عن الخارج من السبيلين جميعا، وزاد في صفة آدم: لا يبولون ولا يتفلون، ويأتي في الرواية الثانية: ولا يسقمون، وفي رواية مسلم من حديث جابر: يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، وفي رواية النسائي من حديث زيد بن أرقم، قال: جاء رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم! تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون! قال: نعم، إن أحدكم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع، قال: الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، وليس في الجنة أذى؟ قال: تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك. وقال الطبري: السائل ثعلبة بن الحارث. قوله: (آنيتهم الذهب)، وفي الرواية التي تأتي: والفضة. وقال في الأمشاط عكس ذلك، فكأنه اكتفى في الموضعين بذكر أحدهما عن الآخر. قوله: (أمشاطهم) جمع مشط، وهو مثلث الميم، والأفصح ضمها. قوله: (ومجامرهم)، جمع مجمرة وهي المبخرة، سميت مجمرة لأنها يوضع فيها الجمر ليفوح به ما يوضع فيها من البخور، ومجامرهم مبتدأ و: الألوة، خبره، ويفهم منه نفس العود، ولكن في الرواية الثانية: وقود مجامرهم الألوة، فعلى هذا يكون المضاف هنا محذوفا. وقال الكرماني: في الجنة نفس المجمرة هي العود. قلت: فعلى هذا يكون المعنى: وعودهم الألوة، فإذا كان الألوة عودا يكون الحمل غير صحيح، لأن المحمول يكون غير الموضوع، وقال الطيبي: المجامر جمع مجمرة بكسر الميم، وهو الذي يوضع النار فيه للبخور، وبالضم هو الذي يتبخر به وأعد له الجمر، ثم قال: والمراد في الحديث هو الأول، وفائدة الإضافة أن الألوة هي الوقود نفسه بخلاف المتعارف، فإن وقودهم غير الألوة وقيل: المجامر جمع، والألوة مفرد، فلا مطابقة بين المبتدأ والخبر. وأجيب: بأن الألوة جنس، وهو بضم الهمزة وفتحها وضم اللام وتشديد الواو، وهو: العود الذي يتبخر به، وروي بكسر اللام أيضا، وهو معرب، وحكى ابن التين كسر الهمزة وتخفيف الواو والهمزة أصلية، وقيل: زائدة. فإن قلت: إن رائحة العود إنما تفوح بوضعه في النار والجنة لا نار فيها. قلت: يحتمل أن يشتعل بغير نار، ويحتمل أن يكون بنار لا ضرر فيها ولا إحراق ولا دخان، وقيل: تفوح بغير إشعال، ويشابه ذلك ما رواه الترمذي من حديث ابن مسعود مرفوعا: أن الرجل في الجنة ليشتهي الطير فيخر بين يديه مشويا. فإن قلت: أي: حاجة لهم إلى المشط وهم مرد وشعورهم لا تنسخ؟ وأي حاجة لهم إلى
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»