عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٥٣
3423 حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا همام قال سمعت أبا عمران الجوني يحدث عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخيمة درة مجوفة طوله في السماء ثلاثون ميلا في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون. قال أبو عبد الصمد والحارث بن عبيد عن أبي عمران ستون ميلا. (الحديث 3423 طرفه في: 9784).
همام، بتشديد الميم: ابن يحيى أبي دينار البصري وأبو عمران عبد الملك بن حبيب الجوني، بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون، وأبو بكر اسمه عمرو بن عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري مات في ولاية خالد بن عبد الله وكان أكبر من أخيه ابن بردة.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمد بن المثنى. وأخرجه مسلم في صفة الجنة عن سعيد بن منصور وعن أبي غسان وعن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه الترمذي فيه عن بندار. وأخرجه النسائي في التفسير عن بندار به مختصرا.
قوله: (الخيمة)، بيت مربع من بيوت الأعراب. قوله: (درة مجوفة) كذا في رواية الأكثرين وفي رواية السرخسي، والمستملي: (در مجوف طوله)، ويروى: (من لؤلؤة)، ومجوفة بالفاء، وفي رواية السمرقندي: بالباء الموحدة وهي: المثقوبة التي قطع داخلها. قوله: (ثلاثون ميلا)، والميل ثلث الفرسخ، وروي عن ابن عباس: (الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب)، وعن أبي الدرداء: (الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا). وقال القرطبي: يعلم من هذا الحديث أن نوع النساء المشتمل على الحور والآدميات في الجنة أكثر من نوع رجال بني آدم. قوله: (قال أبو عبد الصمد)، واسمه عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري، مات سنة سبع وثمانين ومائة. قوله: (والحارث بن عبيد)، أبو قدامة، بضم القاف: الأيادي، بفتح الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالدال المهملة، يعني: روى هذان الاثنان هذا الحديث بهذا الإسناد فقالا: (ستون ميلا) بدل قول همام: ثلاثون، وتعليق أبي عبد الصمد وصله البخاري في تفسير سورة الرحمن عن محمد ابن المثنى عنه، وتعليق الحارث وصله مسلم ولفظه: إن للعبد في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلا.
54 - (حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاقرؤا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) الحميدي تكرر ذكره وهو عبد الله بن الزبير بن عيسى وسفيان بن عيينة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن علي بن عبد الله وأخرجه مسلم في صفة الجنة عن سعيد بن عمرو وأخرجه الترمذي في التفسير عن ابن أبي عمر وهذا الحديث يدل على وجود الجنة لأن الإعداد غالبا لا يكون إلا لشيء حاصل قوله ' ما لا عين رأت ' ما هنا إما موصولة أو موصوفة وعين وقعت في سياق النفي فأفاد الاستغراق والمعنى ما رأت العيون كلهن ولا عين واحدة منهن والأسلوب من باب قوله تعالى * (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) * فيحمل على نفي الرؤية والعين معا أو نفي الرؤية فحسب أي لا رؤية ولا عين أو لا رؤية وعلى الأول الغرض منه نفي العين وإنما ضمت إليه الرؤية ليؤذن بأن انتفاء الموصوف أمر محقق لا نزاع فيه وبلغ في تحققه إلى أن صار كالشاهد على نفي الصفة وعكسه قوله ' ولا خطر على قلب بشر ' هو من باب قوله تعالى * (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم) * وقوله * لا حب يهتدى بمنارة * أي لا قلب ولا خطر أو لا خطور فعلى الأول ليس لهم خطر فجعل انتفاء الصفة دليلا على انتفاء الذات أي إذا لم يحصل ثمرة القلب وهو الاخطار فلا قلب كقوله تعالى * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع) * (فإن قلت) لم خص البشر هنا دون القرينتين السابقتين قلت لأنهم هم الذين ينتفعون بما أعد لهم ويهتمون بشأنه ويخطرونه ببالهم بخلاف الملائكة والحديث كالتفصيل للآية فإنها نفت العلم والحديث نفى طرق حصوله قوله ' فاقرؤا إن شئتم ' قال الداودي هو من قول أبي هريرة
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»