عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٠٧
فإنه لقينهم ولبيوتهم قال إلا الإذخر..
وجه مطابقته للترجمة يمكن أخذه من قوله: (فانفروا) إذ معناه: لا تغدروهم ولا تخالفوهم، إذ إيجاب الوفاء بالخروج مستلزم لتحريم الغدر، ووجه آخر: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغدر في استحلال القتال بمكة لأنه كان بإحلال الله تعالى له ساعة، ولولا ذلك لما جاز له.
ورجال الحديث كلهم قد مضوا غير مرة. والحديث مضى في كتاب الحج في: باب لا يحل القتال بمكة، فإنه أخرجه هناك: عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور... إلى آخره. وأخرجه أيضا في: باب لا ينفر صيد الحرم، ومضى الكلام فيه هناك. والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم 95 ((كتاب بدء الخلق)) أي: هذا كتاب في بيان بدء الخلق، البدء على وزن: فعل، بفتح الباء وسكون الدال وفي آخره همزة، من بدأت الشيء بدأ ابتدأت به. وفي (العباب): بدأت بالشيء بدأ ابتدأت به وبدأت الشيء فعلته ابتداء، وبدأ الله الخلق وأبداهم، بمعنى، والخلق بمعنى المخلوق، وهكذا وقع: كتاب بدء الخلق، بعد ذكر البسملة في رواية الأكثرين، وليس في رواية أبي ذر ذكر البسملة، ووقع في رواية النسفي ذكر بدء الخلق بدل: كتاب بدء الخلق.
1 ((باب ما جاء في قول الله تعالى: * (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) * (الروم: 72).)) أي: هذا باب في بيان وما جاء في قول الله تعالى: * (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) * (الروم: 72). وتمام الآية: * (وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) * (الروم: 72). قوله: * (وهو الذي) * أي: وهو الذي يبدأ الخلق أي: ينشئ المخلوق ثم يعيده، أي: ثانيا للبعث. قوله: * (وهو أهون عليه) * (الروم: 72). أي: الإعادة أهون عليه أي: أسهل، وقيل: أيسر، وقيل: أسرع عليه، وقال مجاهد وأبو العالية: الإعادة أهون عليه من البداية، وكل هين عليه. وقال الزمخشري: فإن قلت: لم ذكر الضمير في قوله: * (وهو أهون عليه) * (الروم: 72). والمراد به الإعادة؟ قلت: معناه: وأن يعيده أهون عليه. قوله: * (وله المثل الأعلى) * (الروم: 72). أي: الصفة العليا: * (في السماوات والأرض وهو العزيز) * في ملكه * (الحكيم) * في خلقه.
وقال الربيع بن خثيم والحسن كل عليه هين هين وهين مثل لين ولين وميت وميت وضيق وضيق. أفعيينا أفأعيا علينا حين أنشأكم وأنشأ خلقكم. لغوب النصب أطوارا طورا كذا وطورا كذا عدا طوره أي قدره الربيع، بفتح الراء ضد الخريف ابن خثيم، بضم الخاء المعجمة وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء آخر الحروف: ابن عائذ بن عبد الله الثوري الكوفي من التابعين الكبار الورعين القانتين، مات سنة بضع وستين، والحسن هو البصري وهما فسرا قوله تعالى: * (هو أهون عليه) * (الروم: 72). بمعنى: كل عليه هين، فحملا لفظ: أهون، الذي هو أفعل التفضيل بمعنى: هين. وتعليق الربيع وصله الطبري من طريق منذر الثوري عنه نحوه، وتعليق الحسن وصله الطبري أيضا من طريق قتادة عنه، ولفظه: وإعادته أهون عليه من بدئه، وكل على الله تعالى هين. قوله: * (هين) * بتشديد الياء * (وهين) * بتخفيفها، أشار بهذا إلى أنهما لغتان، كما جاء التشديد والتخفيف في الألفاظ التي ذكرها، قال الكرماني: وغرضه من هذا أن أهون بمعنى: هين، أي: لا تفاوت عند الله بين الإبداء والإعادة كلاهما على السواء في السهولة. قوله: (أفعيينا)، أشار به إلى قوله تعالى: * (أفعيينا بالخلق الأول) * (ق 1764;: 51). وفسره بقوله: أفأعيى علينا، يعني ما أعجزنا الخلق الأول حني أنشأناكم وأنشأنا خلقكم، وعدل عن التكلم إلى الغيبة التفاتا، والظاهر أن لفظ: (حين أنشأكم وأنشأنا خلقكم) إشارة إلى آية أخرى، وإلى تفسيره وهو قوله تعالى: * (إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) * (النجم: 23). ونقل البخاري بالمعنى حيث قال: حين أنشأكم، بدل: إذ أنشأكم، أو هو محذوف في اللفظ واكتفى بالمفسر عن المفسر،
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»