عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٨٩
يقال هذه سبيلي وهاذا سبيلي غرضه من هذا أن السبيل يذكر ويؤنث، وبذلك جزم القراء في قوله تعالى: * (ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) * (لقمان: 6). والضمير يعود إلى آيات القرآن، وإن شئت جعلته للسبيل لأنها قد تؤنث. قال الله تعالى: * (قل هذه سبيلي) * (يوسف: 801). وفي قراءة أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه: * (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوها سبيلا) * (الأعراف: 641). وقال ابن سيده: السبيل الطريق وما وضح منه، وسبيل الله طريق الهدى الذي دعا إليه، ويجمع على: سبل.
قال أبو عبد الله غزا واحدها غاز هم درجات لهم درجات هذا وقع في رواية المستملي، وأبو عبد الله هو البخاري. قوله: (غزى)، بضم الغين وتشديد الزاي جمع غاز أصله غزى، كسبق جمع سابق، وجاء مثل: حاج وحجيج، وقاطن وقطين، وغزاء مثل فاسق وفساق. قوله: (هم درجات لهم درجات)، فسر قوله: هم درجات، بقوله: لهم درجات أي: لهم منازل، وقيل: تقديره ذووا درجات.
0972 حدثنا يحيى بن صالح قال حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها فقالوا يا رسول الله أفلا نبشر الناس قال إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلاى الجنة أراه قال وفوقه عرش الرحمان تفجر أنهار الجنة.
(الحديث 0972 طرفه في: 3247).
مطابقته للترجمة في قوله: (إن في الجنة مائة درجة) إلى قوله: (ما بين الدرجتين).
ويحيى بن صالح الوحاظي أبو زكرياء الشامي الدمشقي، ويقال: الحمصي، وهو من جملة الأئمة الحنفية أصحاب الإمام أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه، وفليح، بضم الفاء وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة: ابن سليمان، وكان اسمه عبد الملك ولقبه فليح فغلب عليه واشتهر به، وهلال بن علي هو هلال بن أبي ميمونة، ويقال: هلال بن أبي هلال الفهري المدني، وعطاء بن يسار ضد اليمين.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه به. وأخرجه الترمذي فقال: حدثنا قتيبة وأحمد بن عبدة الضبي، قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وصلى الصلوات وحج البيت لا أدري أذكر الزكاة أم لا إلا كان حقا على الله أن يغفر له إن هاجر في سبيل الله أو مكث بأرضه التي ولد بها، قال معاذ: ألا أخبر بها الناس؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ذر الناس يعملون، فإن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها، وفوق ذلك عرش الرحمن، ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس. قوله: (عن عطاء بن يسار) كذا وقع في رواية الأكثرين، وقال أبو عامر العقدي: عن فليح عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، بدل: عطاء بن يسار، أخرجه أحمد وإسحاق في (مسنديهما) عنه، وهو وهم من فليح في حال تحديثه لأبي عامر، وعند فليح بهذا الإسناد حديث غير هذا، وهو في الباب الذي يليه حيث قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح، قال: حدثني أبي عن هلال بن علي عن عبد الرحمن ابن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث على ما يأتي، إن شاء الله تعالى.
قوله: (وأقام الصلاة وصام رمضان)، وقال ابن بطال: هذا الحديث كان قبل فرض الزكاة والحج، فلذلك لم يذكر فيه. وقال صاحب (التلويح): وفيه نظر من حيث إن الزكاة فرضت قبل خيبر، وهذا رواه أبو هريرة، ولم يأت للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا بخيبر. وقال الكرماني: لعل الزكاة والحج لم يكونا واجبين في ذلك الوقت، أو على التسامح. انتهى. قلت: هذا أيضا تبع ابن بطال، وقد ثبت
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»