عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٨٥
فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الأجرة، ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم). فبهذا يدل على أنه لا يرجع أصلا بدون الأجر، ولكنه ينقص عند الغنيمة. فإن قلت: ضعف هذا الحديث لأن فيه حميد بن هانىء وهو غير مشهور. قلت: هذا كلام لا يلتفت إليه لأنه ثقة محتج به عند مسلم، وقد وثقه النسائي وابن يونس وغيرهما، ولا يعرف فيه تجريح لأحد.
3 ((باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء)) أي: هذا باب في بيان الدعاء بالجهاد بأن يقول: اللهم ارزقني الجهاد، أو اللهم اجعلني من المجاهدين. قوله: (والشهادة)، أي: الدعاء بالشهادة، بأن يقول: اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك. قوله: (للرجال والنساء)، متعلق بالدعاء، وأشار به إلى أن هذا غير مخصوص بالرجال، وإنما هم والنساء في ذلك سواء.
وقال عمر ارزقني شهادة في بلد رسولك هذا التعليق مطابق للدعاء بالشهادة في الترجمة، وقد مضى هذا موصولا في آخر الحج بأتم منه، رواه عن يحيى ابن بكير عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، رضي الله تعالى عنه، اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك. وأخرجه ابن سعد في (الطبقات الكبير) عن حفصة، رضي الله تعالى عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت أباها يقول: اللهم ارزقني قتلا في سبيلك، ووفاة في بلدة نبيك، قالت: قلت: وأنى ذاك؟ قال: إن الله يأتي بأمره أنى شاء.
9872 حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت وما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة شك إسحاق قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدع لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت وما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأول قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
..
قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة، لأن الحديث ليس فيه تمني الشهادة، وإنما فيه تمني الغزو. وأجيب: بأن الثمرة العظمى من الغزو هي الشهادة، وقيل: حاصل الدعاء بالشهادة أن يدعو الله أن يمكن منه كافرا يعصى الله فيقتله، واعترض بأن تمني معصية الله لا تجوز إلا له ولا لغيره، ووجه بعضهم بأن القصد من الدعاء نيل الدرجة المرفوعة المعدة. للشهداء، وأما قتل الكافر فليس مقصود الداعي، وإنما هو من ضروريات الوجود، لأن الله تعالى أجرى حكمه أن لا ينال تلك الدرجة إلا شهيد.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الرؤيا عن عبد الله بن يوسف أيضا وفي الاستئذان عن إسماعيل. وأخرجه مسلم أيضا في الجهاد عن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي، وأخرجه
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»