عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٣٢
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه أمر الوصية وإنكار عائشة إياها، وعمرو، بفتح العين: ابن زرارة، بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى: ابن واقد الكلابي النيسابوري، روى عنه مسلم أيضا وإسماعيل هو المعروف بابن علية، وقد مر غير مرة، وابن عون هو عبد الله بن عون، وقد مر عن قريب، وإبراهيم هو النخعي، والأوسود هو ابن يزيد خال إبراهيم.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن عبد الله بن محمد. وأخرجه مسلم في الوصايا عن يحيى بن يحيى وعن أبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن إسماعيل وأخرجه الترمذي في الشمائل عن حميد بن مسعدة. وأخرجه النسائي في الطهارة وفي الوصايا عن عمرو ابن علي وفي الوصايا أيضا عن أحمد بن سليمان. وأخرجه ابن ماجة في الجنائز عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (ذكروا عند عائشة)، قال القرطبي: الشيعة قد وضعوا أحاديث في أن النبي، صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي، رضي الله تعالى عنه، فرد عليهم جماعة من الصحابة ذلك، وكذا من بعدهم، فمن ذلك ما قالته عائشة من إنكار ذلك حيث قالت: (قد كنت مسندته...) إلى آخره. وقيل: الذي يظهر أنهم ذكروا عندها أنه أوصى له بالخلافة في مرض موته فلذلك ساغ لها إنكار ذلك، وأسندت إلى ملازمتها له في مرض موته إلى أن مات في حجرها فلم يقع شيء من ذلك، فلذلك أنكرتها. فإن قلت: هذا لا ينفي وقوع ذلك قبل مرض موته؟ قلت: حديث علي الذي مضى عن قريب يرد وقوعه أصلا. قوله: (مسندته)، بلفظ اسم الفاعل من الإسناد. قوله: (حجري)، بفتح الحاء وكسرها، وقال ابن الأثير: الحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحضن، والمصدر بالفتح لا غير. قوله: (انخنث)، أي: انثنى ومال إلى السقوط، ومادته: خاء معجمة ونون وثاء مثلثة، وقال ابن الأثير: (انخنث) أي: انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت، وقال صاحب (العين): انحنث السقاء وخنث إذا مال، ومنه المخنث للينه وتكسر أعضائه.
2 ((باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس)) أي: هذا باب يذكر فيه أن يترك... إلى آخره، وأخذ هذه الترجمة من لفظ الحديث مع بعض تغير في اللفظ، فإن لفظ الحديث: (إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)، وكلمة: أن، يجوز فيها فتح الهمزة وكسرها، ففي الفتح يكون: أن، مصدرية تقديره: بأن يترك، أي: تركه ورثته أغنياء. فقوله أن يترك في محل الرفع على الابتداء بالتقدير المذكور، وقوله: خير، خبره، وفي الكسر تكون: إن شرطية وجزاؤها محذوف تقديره: إن يترك ورثته أغنياء فهو خير، وقال ابن مالك: من خص هذا الحكم بالشعر فقد ضيق الواسع، والتكفف بسط الكف للسؤال، أو يسأل الناس كفافا من الطعام أو ما يكف الجوعة، أو بمعنى: يسألون بالكف.
2472 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال جاء النبي، صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها قال يرحم الله ابن عفراء قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله قال لا قلت فالشطر قال لا قلت الثلث قال فالثلث والثلث كثير إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك وعساى الله أن يرفعك فينتفع بك ناس ويضر بك آخرون ولم يكن له يومئذ إلا ابنة.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنها منه كما ذكرناه عن قريب. وأبو نعيم، بضم النون: الفضل بن دكين، وسفيان هو ابن عيينة، وسعد ابن إبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وعامر بن سعد يروي عن أبيه سعد بن أبي وقاص، رضي الله تعالى عنه.
والحديث مضى في كتاب الجنائز في: (باب رثاء النبي، صلى الله عليه وسلم، سعد بن خولة)، وقد مضى بعض الكلام فيه، ولنتكلم أيضا زيادة للفائدة.
قوله: (يعودني)، جملة وقعت حالا، وكذلك قوله: (وأنا بمكة)، حال، وزاد الزهري في روايته في حجة الوداع: من
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»