عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٣١
وقال ابن الأثير: السلاح ما أعددته للحرب من آلة الحديد. مما يقاتل به، والسيف وحده يسمى سلاحا. قلت: فعلى هذا، المراد من قوله: وسلاحه، هو سيوفه وأرماحه، وكانت له عشرة أسياف، والمشهور منها: ذو الفقار، الذي تنفله يوم بدر، وهو الذي تأخر بعده، وفي (المرآة): لم يزل ذو الفقار عنده، صلى الله عليه وسلم، حتى وهبه لعلي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، قبل موته، ثم انتقل إلى محمد بن الحنفية، ثم إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين، رضي الله تعالى عنهم، وكانت له خمسة من الأرماح. قوله: (وأرضا جعلها صدقة)، وفي المغازي من رواية أبي إسحاق: (وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة)، وقال ابن التين: وهي فدك، والتي بخيبر، إنما تصدق بها في صحته، وأخبر بالحكم بعد وفاته، وإليه أشارت عائشة، رضي الله تعالى عنها، في حديثها الذي رواه مسلم وغيره، ولا أوصى بشيء.
0472 حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا مالك قال حدثنا طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهما هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصاى فقال لا فقلت كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية قال أوصى بكتاب الله.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (كيف كتب على الناس...) إلى آخره، وخلاد، بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام: ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي، وهو من أفراد البخاري، ومالك هو ابن مغول، بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو وباللام: البجلي الكوفي، مات سنة تسع وخمسين ومائة، وفي بعض النسخ: حدثنا مالك هو ابن مغول، فالظاهر على هذه النسخة أن شيخ البخاري لم ينسبه، فلذلك قال: هو ابن مغول، وهذا من جملة احتياط البخاري، ومغول: هو ابن عاصم البجلي الكوفي مات سنة تسع وخمسين ومائة، في أولها، وطلحة بن مصرف، بلفظ اسم الفاعل من التصريف: ابن عمرو بن كعب اليامي، من بني يام من همدان مات سنة ثنتي عشرة ومائة، وعبد الله بن أبي أوفى واسمه علقمة بن خالد الأسلمي، له ولأبيه صحبة.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي نعيم، وفي فضائل القرآن عن محمد بن يوسف، وأخرجه مسلم في الوصايا عن يحيى بن يحيى وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه. وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد ابن منيع، وأخرجه النسائي فيه عن إسماعيل بن مسعود. وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد.
قوله: (فقال: لا)، أي: ما أوصى، أراد به ما أوصى بالمال، لأنه لم يترك مالا، ثم إن ابن أبي أوفى لما فهم أن النفي عام بحسب الظاهر عاد وسأل، فقال: (كيف كتب على الناس الوصية؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في جوابه: بكتاب الله)، أي: أوصى بكتاب الله، أي: بالعمل به، ويقال أراد بالنفي أولا الوصية التي زعم بعض الشيعة أنه أوصى بالأمر إلى علي، رضي الله تعالى عنه، وقد تبرأ علي، رضي الله تعالى عنه، من ذلك حين قيل: (أعهد إليك رسول الله، صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعهده إلى الناس؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة) وهو يرد لما أكثره الشيعة من الكذب على أنه أوصى له بالخلافة، وأما أرضه وسلاحه وبغلته فلم يوص فيها على جهة ما يوصي الناس في أموالهم، لأنه قال: (لا نورث ما تركنا صدقة)، فكان جميع ما خلفه صدقة، فلم يبق بعد ذلك ما يوصي به من الجهة المالية. قوله: (أو أمروا بالوصية؟) شك من الراوي: وهو على صيغة المجهول، وروى ابن حبان هذا الحديث بلفظ يوضح ما في رواية البخاري من المنافاة الظاهرة، أخرجه من طريق ابن عيينة عن مالك بن مغول بلفظ: (سئل ابن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما ترك شيئا يوصي فيه، فقيل: فكيف أمر الناس بالوصية ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله.
1472 حدثنا عمرو بن زرارة قال أخبرنا إسماعيل عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود قال ذكروا عند عائشة أن عليا رضي الله تعالى عنهما كان وصيا فقالت متاى أوصاى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت حجري فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات فمتاى أوصاى إليه.
(الحديث 1472 طرفه في: 9544).
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»