عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٢٩
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والطاعون رجز أرسل على من كان قبلكم)، وإنما سمي طاعونا لعموم مصابه وسرعة قتله، فيدخل فيه مثله مما يصلح اللفظ له.
13 ((باب قول الله تعالى * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين) * إلى قوله * (غفورا رحيما) * (النساء: 59).)) أي: هذا باب في بيان سبب نزول قوله تعالى: * (لا يستوي القاعدون) * (النساء: 59). الآية، والقاعدون جمع قاعد، وأراد بهم القاعدين عن الجهاد، وكلمة: من، للبيان والتبعيض، وأريد بالجهاد غزوة بدر، قاله ابن عباس. وقال مقاتل: غزوة تبوك، والضرر مثل العمى والعرج والمرض. قوله: (والمجاهدون)، عطف على قوله: القاعدون. قوله: (وفضل الله المجاهدين)، هذه الجملة موضحة للجملة الأولى التي فيها عدم استواء القاعدين والمجاهدين، كأنه قيل: ما بالهم لا يستوون؟ فأجيب بقوله: فضل الله المجاهدين، قوله: (درجة)، نضب بنزع الخافض، وقيل: مصدر في معنى: تفضيلا، وقيل: حال، أي ذوي درجة. قوله: (وكلا)، أي: وكل فريق من القاعدين والمجاهدين. قوله: (وعد الله الحسنى)، أي: المثوبة الحسنى، وهي الجنة. قوله: (إلى قوله * (غفورا رحيما) * (النساء: 59)). أراد به تمام الآية وهو قوله: * (على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما) * (النساء: 59). قال الزمخشري: أجرا انتصب بفضل لأنه في معنى آجرهم أجرا. قوله * (درجات) * أي: في الجنة. قال الزمخشري: ويجوز أن ينتصب درجات، نصب درجة، كما نقول: ضربه أسواطا بمعنى: ضربات، كأنه قيل: وفضلهم تفضيلا. قوله: * (ومغفرة ورحمة) * بدل من أجرا * (وكان الله غفورا رحيما) * (النساء: 59). للفريقين. فإن قلت: ما الحكمة في أن الله تعالى ذكر في أول الكلام درجة، وفي آخره درجات؟ قلت: الأولى: لتفضيل المجاهدين على أولى الضرر. والثانية: للتفضيل على غيرهم. وقيل: الأولى درجة المدح والتعظيم، والثانية منازل الجنة.
1382 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله تعالى عنه يقول لما نزلت * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) * (النساء: 59). دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) * (النساء: 59).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين سبب نزول قوله: * (لا يستوي القاعدون...) * (النساء: 59). إلى آخره، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن حفص بن عمر. وأخرجه مسلم في الجهاد عن أبي موسى وبندار.
قوله: ((زيدا)، هو زيد بن ثابت الأنصاري النجاري. قوله: (بكتف)، بفتح الكاف وكسر التاء: وهو عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب، كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم. قوله: (ابن أم مكتوم)، هو عمرو بن قيس العامري، واسم أمه عاتكة المخزومية. قوله: (ضرارته)، أي: ذهاب بصره.
وفيه: اتخاذ الكاتب، وتقييد العلم.
2382 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري قال حدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) * * (والمجاهدون ي سبيل الله) * قال فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي فقال يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان رجلا أعمى
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»