عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٨
النسفي: وقيل: الذي تولى كبره هو حسان بن ثابت، وعن عامر الشعبي: أن عائشة قالت، ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان: وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة. قوله لأبي سفيان:
* هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء * وهو من قصيدة قالها لأبي سفيان، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين: أليس الله يقول: * (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) * (النور: 11). فقالت وأي عذاب أشد من العمى؟ فذهب بصره وكيع بسيف، وكان يدفع عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وأما الإفك، فقال النسفي: الإفك أبلغ ما يكون من الافتراء والكذب، وقيل: هو البهتان لا تشعر به حتى يفجأك، وأصله: الإفك، بالفتح مصدر قولك: أفكه يأفكه أفكا. قلبه وصرفه عن الشيء، ومنه قوله تعالى: * (أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا) * (الأحقاف: 22). وقيل للكذب: إفك، لأنه مصروف عن الصدق. قوله: (وقال الزهري: وكلهم حدثني طائفة...) أي: بعضا، هذا قول جائز سائغ من غير كراهة، لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم وبعضه عن بعضهم. والأربعة الذين حدثوه أئمة حفاظ من أجلة التابعين، فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو عن ذاك لم يضر، وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان، وقد اتفق العلماء على أنه لو قال: حدثني زيد أو عمر وهما ثقتان معروفان بذلك عند المخاطب جاز الاحتجاج بذلك الحديث. قوله: (أوعى من بعض) أي: أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث. قوله: (اقتصاصا) أي: حفظا، يقال: قصصت الشيء إذا تتبعت أثره شيئا بعد شيء، ومنه: * (نحن نقص عليك أحسن القصص) * (يوسف: 3). * (قالت لأخته قصية) * (القصص: 11). أي: اتبعي أثره، ومنه القاص الذي يأتي بالقصة ويجوز بالسين: قسست، أثره قسا. قوله: (وقد وعيت)، بفتح العين. أي: حفظت. وقال الكرماني: فإن قلت: قال أولا كلهم: حدثني طائفة، وثانيا: وعيت عن كل واحد منهم... الحديث، وهما متنافيان؟ قلت: المراد بالحديث البعض الذي حدثه منه، إذ الحديث يطلق على الكل وعلى البعض، وهذا الذي فعله الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز، وقد ذكرناه. قوله: (وبعض حديثهم)، القياس أن يقال: بعضهم يصدق بعضا، أو حديث بعضهم يصدق بعضا، ولكن لا شك أن المراد ذلك. لكن قد يستعمل أحدهما مكان الآخر لما بينهما من الملازمة بحسب عرف الاستعمال. قوله: (زعموا)، أي: قالوا، والزعم قد يراد به القول المحقق الصريح. وقد يراد غير ذلك، وإنما قالوا لأن بعضهم صرحوا بالبعض، وبعضهم صدق الباقي، وإن لم يقل صريحا به. قولها: (كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا)، وفي رواية مسلم: ذكروا أن عائشة قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا. قولها: (أقرع بين أزواجه) أي: ساهم بينهن تطييبا لقلوبهن. وكيفية القرعة بالخواتيم، يؤخذ خاتم هذا وخاتم هذا ويدفعان إلى رجل فيخرج منهما واحدا. وعن الشافعي يجعل رقاعا صغارا يكتب في كل واحد اسم ذي السهم، ثم يجعل بنادق طين ويغطي عليها ثوب، ثم يدخل رجل يده فيخرج بندقة وينظر من صاحبها، فيدفعها إليه. وقال أبو عبيد بن سلام: عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام نبينا: ويونس، وزكرياء، عليهم الصلاة والسلام. قولها: (فأيتهن خرج سهمها أخرج بها معه). كذا هو: أخرج، بالألف في رواية النسفي، ولأبي ذر عن غير الكشميهني، وفي رواية الكشميهني والباقين: خرج، بلا ألف، وهو الصواب. قولها: (في غزاة غزاها)، هي غزوة بني المصطلق، وكانت سنة ست، كذا جزم به ابن التين، وقال غيره: في شعبان سنة خمس، وتعرف أيضا بغزوة المريسيع، وقال موسى بن عقبة: سنة أربع، فهذه ثلاثة أقوال. قولها: (فأنا أحمل) على صيغة المجهول، قولها: (في هودج) بتح الهاء وسكون الواو وبفتح الذال المهملة وفي آخره جيم وهو مركب من مراكب العرب أعد النساء قولها سش (وقفل)، أي: رجع. قولها: (آذن ليلة)، من الإيذان ومن التأذين. قاله الكرماني، ويقال: آذن بالمد والتخفيف مثل قوله: * (فقل آذنتكم على سواء) * (الأنبياء: 901). وروي بالقصر وبالتشديد، أي: إعلم، قولها: (بالرحيل)، بالجر على الأصل، ويروى: الرحيل، بالنصب حكاية عن قولهم: الرحيل، منصوبا على الإغراء. قولها: (شأني) أي: ما يتعلق بقضاء الحاجة، وهو ما يكنى عنه استقباحا لذكره. قولها: (إلى الرحل)، قال الكرماني: الرحل: المتاع. قلت: الرحل المنزل والمسكن، يقال: انتيهنا إلى رحالنا أي: إلى منازلنا. قولها: (فإذا عقد)، كلمة: إذا، للمفاجأة، والعقد، بكسر العين وسكون القاف: القلادة. قولها: (من جزع أظفار)، الجزع، بفتح الجيم وسكون الزاي: خرز يمان، وزعم أبو العباس أحمد ابن يوسف التيفاشي في كتابه (الأحجار): أنه يوجد في اليمن في معادن العقيق، ومنه ما يؤتى به من الصين، وهو أصناف فمنه
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»