عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٠
البخاري يشير بأثر ابن عباس إلى جواز شهادة الأعمى على التعريف، يعني: إذا عرف أنه فلان، فإذا عرف شهد وشهادة التعريف مختلف فيها عند مالك. وكذلك البصير إذا لم يعرف نسب الشخص فعرفه نسبه من يثق به فهل يشهد على فلان ابن فلان بنسبه أو لا؟ مختلف فيه أيضا.
وقال سليمان بن يسار: إستأذنت على عائشة فعرفت صوتي قالت سليمان ادخل فإنك مملوك ما بقي عليك شيء سليمان بن يسار ضد اليمين أبو أيوب أخو عطاء، وعبد الله وعبد الملك مولى ميمونة بنت الحارث الهلالي. قوله: (قالت سليمان) يعني: يا سليمان، وهو منادى حذف منه حرف النداء. قوله: (ما بقي عليك شيء) أي: من مال الكتابة، ولا بد في هذا من تأويل، لأن سليمان مكاتب لميمونة لا لعائشة ووجهه أن يقال: إن، على، في قول عائشة تكون بمعنى: من، أي: استأذنت من عائشة في الدخول على ميمونة، فقالت: أدخل عليها، أو لعل مذهبها أن النظر حلال إلى العبد سواء كان ملكها أو لاد، وأنها لا ترى الاحتجاب من العبد مطلقا، واستبعده بعضهم بغير دليل فلا يلتفت إليه، وقيل: يحتمل أنه كان مكاتبا لعائشة، وهو غير صحيح، لأن الأخبار الصحيحة بأنه مولى ميمونة ترده.
وأجاز سمرة بن جندب شهادة امرأة متنقبة متنقبة، بتشديد القاف في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره، منتقبة، بسكون النون وتقديمها على التاء المثناة من فوق، من الانتقاب، والأول من التنقب. وهي التي كان على وجهها نقاب. وفي (التلويح): هذا التعليق يخدش فيه ما رواه أبو عبد الله بن منده في (كتاب الصحابة): أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كلمته امرأة وهي متنقبة، فقال: أسفري، فإن الإسفار من الإيمان.
5562 حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون قال أخبرنا عيساى بن يونس عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت سمع النبي، صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم اعتمد على صوت ذلك الرجل الذي قرأ في المسجد من غير أن يرى شخصه، ومحمد بن عبيد مصغر عبد بن ميمون، مر في الصلاة، وهو من أفراده، و عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو، و هشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة. والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن عن محمد بن عبيد المذكور أيضا. قوله: (اسقطتهن) أي: نسيتهن.
وزاد عباد بن عبد الله عن عائشة تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فسمع صوت عباد يصلي في المسجد فقال يا عائشة لصوت عباد هاذا قلت: نعم قال: أللهم ارحم عبادا عباد بفتح العين وتشديد الباء الموحدة: ابن عبد الله بن الزبير بن العوام التابعي، مر في الزكاة، وهذه الزيادة التي هي التعليق وصلها أبو يعلى من طريق محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: تهجد النبي، صلى الله عليه وسلم في بيتي وتهجد عباد بن بشر في المسجد، فسمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم صوته، فقال: يا عائشة (هذا عباد بن بشر؟) فقلت: نعم قال (اللهم ارحم عبادا).
قوله: (تهجد النبي صلى الله عليه وسلم)، من الهجود وهو من الأضداد يقال: تهجد بالليل إذا صلى، وتهجد إذا نام، وقال ابن الأثير: يقال: تهجدت إذا سهرت وإذا نمت، فهو من الأضداد. قوله: (فسمع صوت عباد)، وهو عباد بن بشر الأنصاري الأشهلي، شهد بدرا وأضاءت له عصاه لما خرج من عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال الزهري: استشهد يوم اليمامة وهو ابن خمس وأربعين سنة، ولا يظن أن عبادا الذي في قوله: فسمع صوت عباد، هو عباد بن عبد الله
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»