عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٣٩
صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، وإنما فعله الذين أهدوا له، وإنما لم يمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس من كمال الأخلاق التعرض لمثل هذا، على أن حال النبي صلى الله عليه وسلم يشعر بأنه كان يشركهن في ذلك، ولم تقع المنافسة إلا لكون العطية تصل إليهن من بيت عائشة. وفيه: تجرى الناس بالهدايا في أوقات المسرة ومواضعها من المهدى إليه ليزيد بذلك في سرورة. وفيه: أن الرجل يسعه السكوت بين نسائه إذا تناظرن في ذلك ولا يميل مع بعضهن على بعض، كما سكت، صلى الله عليه وسلم، حين تناظرت زينب وعائشة، ولكن قال في الأخير: إنها بنت أبي بكر. وفيه: إشارة إلى التفضيل بالشرف والعز. وفيه: جواز التشكي والترسل في ذلك. وفيه: ما كان عليه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، من مهابته والحياء منه، حتى راسلنه بأعز الناس عنده: فاطمة، رضي الله تعالى عنها. وفيه: إدلال زينب بنت جحش على النبي صلى الله عليه وسلم، لكونها كانت بنت عمته، كانت أمها أميمة بالتصغير بنت عبد المطلب. وقال الداودي: فيه: عذر النبي صلى الله عليه وسلم لزينب، قيل: لا ندري هذا من أين أخذه؟ وقيل: يمكن أنه أخذه من مخاطبتها النبي صلى الله عليه وسلم لطلب العدل مع علمها بأنه أعدل الناس، لكن غلبت عليها الغيرة فلم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاق ذلك، وإنما خص زينب بالذكر لأن فاطمة، رضي الله تعالى عنها، كانت حاملة رسالة خاصة، بخلاف زينب فإنها شريكتهن في ذلك، بل كانت رأسهن، لأنها هي التي تولت إرسال فاطمة أولا ثم سارت بنفسها.
قال البخاري الكلام الأخير قصة فاطمة يذكر عن هشام بن عروة عن رجل عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمان لما تصرف الرواة في هذا الحديث بالزيادة والنقص حتى إن منهم من جعله ثلاثة أحاديث. قال البخاري: الكلام الأخير قصة فاطمة... إلى آخره، يذكره عن هشام بن عروة عن رجل، وهو مجهول، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة، وقال الكرماني: الرجل المجهول مذكور على طريق الشهادة والمتابعة، واحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول.
وقال أبو مروان عن هشام عن عرزة كان الناس يتحرون يوم عائشة وعن هشام عن رجل من قريش ورجل من الموالي عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام قالت عائشة كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنت فاطمة رضي الله تعالى عنها.
أبو مروان هو يحيى بن أبي زكريا الغساني، سكن واسطا، مات سنة تسعين ومائة، وقال الكرماني: وقيل: إنه محمد بن عثمان العثماني، وهو وهم. قلت: هذا أيضا يكنى أبا مروان، لكنه لم يدرك عن هشام بن عروة، وإنما يروي عنه بواسطة، وروى عن هشام أيضا بطريق آخر، رواه حماد بن سلمة عنه عن عوف بن الحارث عن أخيه رميثة عن أم سلمة: أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم قلن لها: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة... الحديث. أخرجه أحمد.
9 ((باب ما لا يرد من الهدية)) أي: هذا باب في بيان ما يرد من الهدية.
2852 حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا عزرة بن ثابت الأنصاري قال حدثني ثمامة بن عبد الله قال دخلت عليه فناولني طيبا قال كان أنس رضي الله تعالى عنه لا يرد الطيب قال وزعم أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب.
(الحديث 2852 طرفه في: 9295).
مطابقته للترجمة من حيث إنه أوضح ما في الترجمة من الإبهام، لأن قوله: ما لا يرد من الهدية، غير معلوم، فالحديث أوضحه
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»