عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٨٢
القصوى وروى ابن عساكر بإسناده عن عائشة أنها قالت هي الجدعاء فركبا وانطلقا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه خلفه للخدمة في الطريق قوله ' غار ثور ' الغار بالغين المعجمة الكهف وثور اسم الحيوان المشهور جبل بأسفل مكة وفيه الغار الذي بات فيه النبي وأبو بكر لما هاجرا قوله ' معهما ' أي مع النبي وأبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله ' عامر بن فهيرة ' بضم الفاء وفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء الأزدي وكان أسود اللون مملوكا للطفيل بن عبد الله فاشتراه أبو بكر الصديق منه فأعتقه وكان دخوله في الإسلام قبل دخول رسول الله دار الأرقم وكان حسن الإسلام وهاجر معهما إلى المدينة وكان ثالثهما قتل يوم بئر معونة بفتح الميم وبالنون سنة أربع من الهجرة قوله ' فأخذ بهم ' أي فأخذ الدليل الديلي بالنبي وأبي بكر وعامر بن فهيرة أي ملتبسا بهم قوله ' وهو على طريق الساحل ' أي طريق ساحل البحر ويروى فأخذ بهم طريق ساحل البحر (ذكر ما يستفاد منه) فيه استئجار المسلم الكافر على هدايته الطريق قلت وعلى غيرها أيضا. وفيه استئجار الرجلين الواحد على عمل واحد لهما. وفيه استئجار الرجل على أن يدخل في العمل بعد أيام معلومة فيصح عقدهما قبل العمل وقياسه أن يستأجر منزلا مدة معلومة قبل مجيء السنة بأيام وأجاز مالك وأصحابه استئجار الأجير على أن يعمل بعد يوم أو يومين أو ما قرب هذا إذا نقده الأجرة * واختلفوا فيما إذا استأجره ليعمل بعد شهر أو سنة ولم ينقده فأجازه مالك وابن القاسم وقال أشهب لا يجوز ووجهه أنه لا يدري أيعيش المستأجر أو الدابة واتفقوا على أنه لا يجوز في الراحلة المعينة والأجير المعين وأما إذا كان كراء مضمونا فيجوز فيه ضرب الأجل البعيد وتقديم رأس المال ولا يجوز أن يتأخر رأس المال إلى اليومين والثلاثة لأنه إذا تأخر كان من باب بيع الدين بالدين وتفسير الكراء المضمون أن يستأجره على حملة بعينها على غير دابة معينة والإجارة المضمونة أن يستأجره على بناء بيت لا يشترط عليه عمل يده ويصف له طوله وعرضه وجميع آلته على أن المؤنة فيه كلها على العامل مضمونا عليه حتى يتمه فإن مات قبل تمامه كان ذلك في ماله ولا يضره بعد الأجل * وفيه ائتمان أهل الشرك على السر والمال إذا عهد منهم وفاء ومروءة كما استأمن رسول الله هذا المشرك لما كانوا عليه من بقية دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإن كان من الأعداء لكنه علم منه مروءة وائتمنه من أجلها على سره في الخروج من مكة وعلى الناقتين اللتين دفعهما إليه ليوافيهما بهما بعد ثلاث في غار ثور * ((باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له بعد ثلاثة أيام أو بعد شهر أو بعد ستة أشهر أو بعد سنة جاز وهما على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء الأجل)) أي هذا باب يذكر فيه إذا استأجر شخص أجيرا إلى آخره قوله ' جاز ' جواب إذا قوله ' وهما ' أي المؤجر والمستأجر على شرطهما قوله ' إذا جاء الأجل ' أي الأجل المضروب المذكور وقد ذكرنا خلاف مالك وأصحابه فيه 5 - (حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي قالت واستأجر رسول الله وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث) مطابقته للترجمة من حيث استئجار النبي وأبي بكر رضي الله تعالى عنه الرجل المذكور على أن ينظر في أمر راحلتيهما ثلاثة أيام وأن يحضرهما بعد ثلاثة أيام عند غار ثور ثم خدمهما بما قصداه من الدلالة على الطريق بعد تلك الثلاثة
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»