عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٧٩
ببعضه. وأخرجه النسائي في الطهارة وفي القضاء عن عمرو بن علي، خمستهم عن يحيى بن سعيد به.
ذكر معناه: قوله: (ومعي) الواو فيه للحال. قوله: (من الأشعريين) أي: من الجماعة الأشعريين، والأشعري نسبة إلى الأشعر وهو نبت بن أدد بن يشحب بن عريب بن يزيد بن كهلان، وإنما قيل له: الأشعري، لأن أمه ولدته وهو أشعر. قوله: (فقلت)، القائل هو أبو موسى الأشعري أي: فقلت: يا رسول الله! ما علمت أنهما أي: أن الرجلين يطلبان العمل. وسيجئ في استتابة المرتدين بهذا الإسناد بعينه، وفيه: معي رجلان من الأشعريين وكلاهما سألا، أي: العمل، فقلت: والذي بعثك ما أطلعت على ما في أنفسهما ولا علمت أنهما يطلبان العمل... الحديث. قوله: (فقال: لن أو لا) أي: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لن نستعمل على عملنا من أراده)، وقوله: أو، لشك الراوي، أي: لا نولي من أراد العمل. وذكر ابن التين أنه ضبط في بعض النسخ: لن أولي، بضم الهمزة وفتح الواو وكسر اللام المشددة، مضارع فعل من التولية. وقال الشيخ قطب الدين الحلبي: فعلى هذه الرواية يكون لفظ: نستعمل، زائد، أو يكون تقدير الكلام: لن أولى على عملنا، وقد وقع هذا الحديث في الأحكام من طريق بريد بن عبد الله عن أبي بردة بلفظ: إنا لا نولي على عملنا، وهذا يؤيد ما ذكره الشيخ قطب الدين، رحمه الله. وقال ابن بطال: لما كان طلب العمالة دلالة على الحرص وجب أن يحترز من الحريص عليها، وقال القرطبي: هذا نهي، وظاهره التحريم، كما قال، صلى الله عليه وسلم: (لا تسأل الإمارة وإنا والله لا نولي على عملنا هذا أحدا يسأله ويحرص عليه)، فلما أعرض عنهما ولم يولهما لحرصهما، ولى أبا موسى الذي لا يحرص عليها والسائل الحريص يوكل إليها ولا يعان عليها.
2 ((باب رعي الغنم على قراريط)) أي: هذا باب في بيان رعي الغنم على قراريط، وهو جمع قراط بتشديد الراء فأبدل أحد حرفي التضعيف ياء، ومثل هذا كثير في لغة العرب، والقيراط نصف دانق، وقيل: هو نصف عشر الدينار، وقيل: هو جزء من أربعة وعشرين جزءا، وقال بعضهم: على، هنا بمعنى: الباء، وهي للسببية أو المعاوضة، وقيل: إنها للظرفية. قلت: تجيء، على، بمعنى: الباء، نحو: حقيق علي أن لا أقول، وقد قرأه أبي بالباء، ولكن كونها للسببية غير بعيد، وكذلك كونها للمعاوضة، إلا أن كونها للظرفية بعيد اللهم إلا أن يقال: إن القراريط، اسم موضع.
2622 حدثنا أحمد بن محمد المكي قال حدثنا عمرو بن يحيى عن جده عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة.
مطابقته للترجمة في قوله: (كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة).
ذكر رجاله وهم أربعة: الأول: أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، ويقال: الزرقي. الثاني: عمرو بن يحيى بن سعيد. الثالث: جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي. الرابع: أبو هريرة.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه وشيخ شيخه من أفراده، وهما مكيان، وأن سعيد بن عمرو جد عمرو بن يحيى مدني الأصل، كان مع أبيه إذ غلب على دمشق، فلما قتل أبوه سيره عبد الملك بن مروان مع أهل بيته إلى الحجاز ثم سكن الكوفة، وهذا الإسناد بعينه مر في باب الاستنجاء بالحجارة.
والحديث أخرجه ابن ماجة أيضا في التجارات عن سويد بن سعيد.
ذكر معناه: قوله: (إلا راعي الغنم) وفي رواية الكشميهني: إلا راعي الغنم. قوله: (وأنت)، أي: وأنت أيضا رعيت الغنم، فقال: نعم. قوله: (على قراريط)، واختلف في القراريط، فقيل: هي قراريط النقط، والدليل عليه ما رواه ابن ماجة عن سويد بن سعيد عن عمرو بن يحيى: كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط، وقال سويد: شيخ ابن ماجة، يعني: كل شاة بقيراط، يعني:
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»