عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٨٢
يضرب، والاسم: المنحة، بالكسر وهي: العطية، والمنيحة منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها، ثم يردها عليك، واستمنحه: طلب منحته، وروى مسلم من حديث مطر الوراق عن جابر بلفظ: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: من كانت له أرض فليزرعها، فإن عجز عنها فليمنحها أخاه المسلم ولا يؤاجرها. وبه احتج أيضا من كره إجارة الأرض بالثلث أو الربع ونحوهما.
1432 وقال الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا معاوية عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه.
مطابقته للترجمة مثل الذي ذكرناه في الحديث السابق. الربيع خلاف الخريف ابن نافع ضد الضار وأبو توبة كنيته بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الواو وفتح الباء الموحدة: الحلبي الحافظ الثقة كان يعد من الأبدال، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان سكن طرسوس وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطلاق، ومعاوية هو ابن سلام، بتشديد اللام، مر في الكسوف، ويحيى هو ابن أبي كثير.
والحديث أخرجه مسلم في البيوع عن حسن الحلواني. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، كلاهما عن أبي توبة به.
2432 حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن عمر و قال ذكرته لطاووس فقال يزرع قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه ولكن قال أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئا معلوما..
قبيصة، هو بفتح القاف وكسر الباء الموحدة: ابن عقبة الكوفي، وسفيان هو الثوري، وعمرو هو ابن دينار.
قوله: (ذكرته) أي: قال عمرو: ذكرت حديث رافع بن خديج المذكور آنفا لطاووس، وهو الحديث الذي فيه النهي عن كراء الأرض. قوله: (فقال: يزرع) أي: فقال طاووس: يزرع، بضم الياء من الإزراع يعني: يزرع غيره. قوله: (قال ابن عباس...) إلى آخره، في معرض التعليل من جهة طاووس، يعني: لأن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه، أي: لم ينه عن الزرع، يعني: لم يحرمه، وصرح بذلك الترمذي، فقال: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى الشيباني حدثنا شريك عن شعبة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال: حديث رافع حديث فيه اضطراب، يروى هذا الحديث عن رافع بن خديج عن عمومته، وروي عنه عن ظهير بن رافع وهو أحد عمومته، وقد روي عنه هذا الحديث على روايات مختلفة، وقال الخطابي: وقد عقل ابن عباس المعنى من الخبر وأن ليس المراد به تحريم المزارعة بشطر ما يخرج من الأرض، فإنما أراد بذلك أن يتمانحوا أراضيهم وأن يرفق بعضهم بعضا. وقد ذكر رافع في رواية أخرى عنه في هذا الباب النوع الذي حرم منها، والعلة من أجلها نهى عنها، وذلك قوله: كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الماذيانات وإقبال الجداول وأسباع من الزرع، فأعلمك في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم، وأنه كان من عادتهم أن يشترطوا فيها شروطا فاسدة، وأن يستثنوا من الزرع ما على السواني والجداول، ويكون خاصا لرب الأرض، والمزارعة وحصة الشريك لا يجوز أن تكون مجهولة، وقد يسلم ما على السواني والجداول ويهلك سائر الزرع فيبقى المزارع لا شيء له، وهذا خطر. قوله: (ولكن قال)، أي: ابن عباس. قوله: (أن يمنح أحدكم)، قد ذكرنا وجه هذا في لفظ: باب، الذي ذكر مجردا عقيب: باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة، لأنه روى عن ابن عباس هناك مثل هذا، وقد أمعنا الكلام فيه.
3432 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد عن أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»