عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٧٥
الكرماني عقيب قوله: وقال: أي: عمرو، وفي بعض الروايات: عمر، أي ابن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وابن عوف، أي: عبد الرحمن ثم قال: فإن قلت: فذكر عمر يكون تكرارا. قلت: فيه فوائد. الأولى: أنه تعليق بصيغة القوة وهذا بصيغة التمريض، وهو بدون الزيادة، وهذا معها، وهو غير مرفوع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهذا مرفوع، انتهى. قلت: عمر، هنا بدون الواو يعني: عمر بن الخطاب، قالوا: إنه تصحيف، فلما جعلوا عمر بدون الواو جعلوا الواو واو عطف، وقالوا: وابن عوف، وأرادوا به عبد الرحمن بن عوف. وذكر الكرماني ما ذكره ثم ذكر فيه فوائد: الأولى: المذكورة، فلا حاجة إليها لأن ما ذكره ليس بصحيح في الأصل، ومع هذا هو قال في آخر كلامه: والصحيح هو الأول، يعني أنه: عمرو، بالواو، وهو: ابن عوف المزني لا أنه عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف. قوله: (وليس لعرق ظالم فيه حق)، روى: لعرق، بالتنوين وبالإضافة أي: من غرس في أرض غيره بدون إذنه فليس له في الإبقاء فيها حق، فإن أضيف فالمراد بالظالم الغارس، وسمي ظالما لأنه تصرف في ملك الغير بلا استحقاق، وإن وصف به فالمغروس سمي به لأنه الظالم أو لأن الظلم وصل به على الإسناد المجازي، وقيل: معناه: لعرق ذي ظلم، قال ابن حبيب: بلغني عن ربيعة أنه قال: العرق الظالم عرقان ظاهر وباطن، فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار، والظاهر الغرس، وعنه: العروق أربعة: عرقان فوق الأرض وهما: الغرس والنبات، وعرقان في جوفها: المياه والمعادن. وفي (المعرفة) للبيهقي: قال الشافعي: جماع العرق الظالم كل ما حفر أو غرس أو بنى ظلما في حق امرئ بغير خروجه منه. وفي كتاب (الخراج) لابن آدم: عن الثوري، وسئل عن العرق الظالم، فقال : هو المنتزى. قلت: من انتزى على أرضي إذا أخذها وهو من باب الافتعال من: النزو، بالنون والزاي، وهو: الوثبة، وعند النسائي، عن عروة بن الزبير: هو الرجل يعمل الأرض الخربة وهي للناس وقد عجزوا عنها فتركوها حتى خربت.
ويروى فيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: يروى في هذا الباب عن جابر بن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال الكرماني: وإنما لم يذكر المروي بعينه لأنه ليس بشرطه، بل ليس صحيحا عنده، ولهذا قال: يروى، ممرضا. قلت: نفس الحديث صحيح رواه الترمذي: حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: من أحيى أرضا ميتة فهي له، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي أيضا عن محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم عن الثقفي وعن علي بن مسلم عن عباد بن عباد عن هشام بن عروة، ولفظه: من أحيى أرضا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العوافي منها فهو له صدقة، وروى الترمذي أيضا من حديث سعيد بن زيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: من أحيى أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق، ثم قال: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه أبو داود أيضا، وروى أبو داود أيضا من حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحاط حائطا على أرض فهي له، وروى ابن عدي من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحيى أرضا ميتة فهو أحق بها، وإسناده ضعيف، وروى ابن عدي أيضا من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عمر أرضا خرابا فأكل منها سبع أو طائر أو شيء كان له ذلك صدقة، وفي إسناده سلمة بن سليمان الضبي، قال: ابن عدي منكر الحديث عن الثقات، وروى الطبراني في (الأوسط) من حديث مروان بن الحكم، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: البلاد بلاد الله والعباد عباد الله. ومن أحاط على حائط فهو له. وروى الطبراني أيضا فيه من حديث عبد الله بن عمر، وقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من أحيى أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق، وروى أبو داود من حديث أسمر بن مضرس من رواية عقيلة بنت أسمر عن أبيها، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»