عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٢٦
8922 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلا فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى وإلا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته..
مطابقته للترجمة ظاهرة وهي أنه في بيان حكم الدين. ورجاله قد تكرر ذكرهم ولا سيما بهذا السند.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النفقات عن يحيى بن بكير. وأخرجه: مسلم في الفرائض عن عبد الملك بن شعيب، وأخرجه الترمذي في الجنائز عن أبي الفضل مكتوم بن العباس.
قوله: (عن أبي سلمة عن أبي هريرة)، هكذا رواه عقيل، وتابعه يونس وابن أخي ابن شهاب وابن أبي ذئب، كما أخرجه مسلم، وخالفهم معمر فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر، أخرجه أبو داود والترمذي. قوله: (المتوفى)، أي: الميت. قوله: (عليه الدين)، جملة حالية. قوله: (فيسأل) أي: رسول الله. قوله: (هل ترك لدينه فضلا) أي: قدرا زائدا على مؤونة تجهيزه، وفي رواية الكشميهني: قضاء، بدل: فضلا، وكذا هو عند مسلم وأصحاب السنن. قوله: (وفاء) أي: ما يوفي به دينه. قوله: (وإلا) أي: وإن لم يترك وفاء، قال إلى آخره، قوله: (الفتوح)، يعني: من الغنائم وغير ذلك. قوله: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، لأنه، صلى الله عليه وسلم: تكفل بدين من مات من أمته معدما. وهو قوله: (فعلي قضاؤه)، قوله: (فترك دينا)، وفي رواية مسلم عن أبي هريرة: (فترك دينا أو ضيعة)، أي: عيالا، وفي رواية أخرى: (ضياعا)، وأصله مصدر: ضاع يضيع ضياعا، بفتح الضاد فسمى العيال بالمصدر، كما يقال: من مات وترك فقرا أي فقراء. قوله: (فعلي قضاؤه)، أي: مما أفاء الله تعالى عليه من الغنائم والصدقات. قوله: (فلورثته)، وفي رواية مسلم: (فهو لورثته)، وفي رواية عبد الرحمن بن عمرة: (فليرثه عصبته).
وفيه من الفوائد: تحريض الناس على قضاء الديون في حياتهم والتوصل إلى البراءة منها، ولو لم يكن أمر الدين شديدا لما ترك النبي، صلى الله عليه وسلم، الصلاة على المديون، واختلف في أن صلاته على المديون كانت حراما عليه أو جائزة؟ حكى فيه وجهان، وقال الثوري: الصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن، وقال ابن بطال: قوله: (من ترك دينا فعلي)، ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين. وفيه: إن الإمام يلزمه أن يفعل هكذا فيمن مات وعليه دين، فإن لم يفعله وقع القصاص منه يوم القيامة والإثم عليه في الدنيا إن كان حق الميت في بيت الميت بقي بقدر ما عليه من الدين وإلا فبقسطه.
بسم الله الرحمان الرحيم 04 ((كتاب الوكالة)) أي: هذا كتاب في بيان أنواع الوكالة وأحكامها وفي بعض النسخ: كتاب في الوكالة، ووقعت التسمية عند أبي ذر بعد كتاب الوكالة، بفتح الواو، وجاء بكسرها وهي التفويض، يقال: وكلت الأمر إليه وكلا ووكولا إذا فوضته إليه، وجعلته نائبا فيه، والوكالة هي الحفظ في اللغة، ومنه الوكيل في أسماء الله تعالى، والتوكيل تفويض الأمر والتصرف إلى الغير، والوكيل القائم بما فوض إليه، والله أعلم.
1 ((باب في وكالة الشريك الشريك في القسمة وغيرها)) أي: هذا باب في بيان حكم وكالة الشريك في القسمة. قوله: (الشريك في القسمة) بدل من: الشريك، الأول. قوله: (أو غيرها)، أي: الشريك في غير القسمة، ولم يقع عند النسفي لفظ: باب، وإنما الذي عنده: كتاب الوكالة ووكالة الشريك، بواو العطف.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»