عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٢٤
وكسر الغين المعجمة وفتح النون المخففة، على مثال الكلمة، ويقال: بضم الدال والغين وتشديد النون، ويقال: بفتح الدال وسكون الغين، وفي المطالع عند المروزي: الدغنة، بفتح الدال وبفتح الغين. قال الأصيلي: كذا قرأناه، وعند القابسي: الدغنة، بفتح الدال وكسر الغين وتخفيف النون، وحكى الجياني فيه الوجهين، ويقال: ابن الدثنة أيضا، وتسكن الثاء أيضا، والدغنة: اسم أمه، ومعناه لغة: الغيم الممطر، والدثنة الكثيرة اللحم المسترخية. وقال ابن إسحاق: واسمه ربيعة بن رفيع. قوله: (وهو سيد القارة)، بالقاف وتخفيف الراء: قبيلة موصوفة بجودة الرمي. وفي (المطالع): القارة بنو الهون بن خزيمة. قلت: خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، سموا بذلك لأنهم في بعض حربهم لبني بكر صفوا في قارة، وقال ابن دريد: القارة أكمة سوداء فيها حجارة. قوله: (أن أسيح)، أي: أن أسير، يقال: ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها، وأصله من السيح، وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض. قوله: (لا يخرج)، على بناء الفاعل (ولا يخرج)، على بناء المفعول. قوله: (تكسب المعدوم) أي: تكسب معاونة الفقير، وتحقيقه مر في كتاب الإيمان. قوله: (وتحمل الكل)، بفتح الكاف وتشديد اللام، وهو الثقل، أي: ثقل العجزة، كذا فسره الكرماني. وفي (المغرب): الكل اليتيم، ومن هو عيال وثقل على صاحبه. قوله: (وتقرى الضيف)، بفتح التاء من: قرى يقري، من باب: ضرب يضرب، تقول: قريت قرى، مثل: قليته قلى، وقراء: أحسنت إليه، إذا كسرت القاف قصرت، وإذا فتحت مددت. وفي (المطالع): القرى، بالكسر مقصورا ما يهيأ للضيف من طعام، ونزل. وقال القالي: إذا فتحت أوله مددته. قوله: (على نوائب الحق)، النوائب: جمع نائبة. وهي ما ينوب الإنسان، أي: ينزل به من المهمات والحوادث، من نابه ينوبه شيء إذا نزل به واعتراه. قوله: (وأنا لك جار)، أي مجير، وفي (الصحاح): الجار الذي أجرته من أن يظلمه ظالم. وقال تعالى: * (وإني جار لكم) * (الأنفال: 84). والمعنى هنا: أنا مؤمنك ممن أخافك منهم، وفي (المغرب): أجاره يجيره إجارة: إغاثة، والهمزة للسلب، والجار المجير والمجار. قوله: (فرجع مع أبي بكر، رضي الله تعالى عنه)، وكان القياس أن يقال: رجع أبو بكر معه، عكس المذكور، ولكن هذا من إطلاق الرجوع وإرادة لازمه الذي هو المجيء، أو: هو من قبيل المشاكلة، لأن أبا بكر كان راجعا، وأطلق الرجوع باعتبار ما كان قبله بمكة. قوله: (فطاف)، أي: ابن الدغنة (في أشراف كفار قريش) أي: ساداتهم، وهم جمع شريف، وشريف القوم سيدهم وكبيرهم. قوله: (أتخرجون؟)، بضم التاء: من الإخراج، والهمزة للاستفهام على سبيل الإنكار. قوله: (يكسب المعدوم) جملة في محل النصب لأنها صفة لقوله: رجلا، وما بعده عطف عليها. قوله: (فانفذت)، بالذال المعجمة أي: امضوا جواره ورضوا به (وآمنوا أبا بكر) أي: جعلوه في أمن ضد الخوف قوله: (مر)، أمر من: يأمر. قوله: (فليعبد)، قيل: الفاء، لا معنى لها هنا، وقيل: تقديره: مر أبا بكر ليعبد ربه، فليعبد ربه، قاله الكرماني قلت: هذا الذي ذكره أيضا لا معنى له، لأنه لا يفيد زيادة شيء، بل تصلح الفاء أن تكون جزاء شرط، تقديره: مر أبا بكر إذا قبل ما تشترط عليه فليعبد ربه في داره. قوله: (بذلك)، إشارة إلى ما ذكر من الصلاة والقراءة. قوله: (ولا يستعلن به)، أي: بالمذكور من الصلاة والقراءة، والاستعلان: الجهر، ولكن مرادهم الجهر بدينه وصلاته وقراءته. قوله: (أن يفتن)، بفتح الياء آخر الحروف من الفتنة، يقال: فتنته أفتنه فتنا وفتونا. ويقال: أفتنه، وهو قليل، والفتنة تستعمل على معان كثيرة، وأصلها الامتحان، والمراد هنا أن يخرج أبناءهم ونساءهم مما هم فيه من الضلال إلى الدين. وقوله: (أبناءنا) منصوب لأنه مفعول لقوله: أن يفتن (قال ذلك) أي: قال ابن الدغنة: وذلك إشارة إلى ما شرطت أشراف قريش عليه. قوله: (فطفق أبو بكر)، بكسر الفاء، يقال: طفق يفعل كذا، مثل جعل يفعل كذا، وهو من أفعال المقاربة، ولكنه من النوع الذي يدل على الشروع فيه، ويعمل عمل كان، وقال صاحب (التوضيح): يقال: طفق يفعل كذا، مثل: ظل. قلت: ليس كذلك، لأن ظل من الأفعال الناقصة، وقال صاحب (الأفعال): طفق ما نسي طفوقا إذا دام فعله ليلا ونهارا، ومنه قوله تعالى: * (فطفق مسحا) * (ص: 33). الآية، وفيه نظر (ثم بدا لأبي بكر)، أي: ظهر له رأي في أمره بخلاف ما كان يفعله. قوله: (فابتنى مسجدا بفناء داره)، بكسر الفاء، وهو ما امتد من جوانب الدار وهو أول مسجد بني في الإسلام، قاله أبو الحسن. قال الداودي: بهذا يقول مالك وفريق من العلماء إن من كانت لداره طريقا متسعا له أن يرتفق منها بما لا يضر بالطريق. قوله: (وبرز)، أي: ظهر من البروز. قوله:
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»