عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٧٠
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد ذكروا غير مرة، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.
وهذا الحديث أخرجه بقية الأئمة الستة من طرق، وقد رواه عن أبي هريرة محمد بن زياد ومحمد بن سيرين والأعرج وهمام وأبو صالح وموسى بن يسار وثابت مولى عبد الرحمن بن زيد ومجاهد والوليد بن رباح. أما رواية محمد بن زياد فانفرد بها الترمذي، فقال: حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اشترى مصراة فهو بالخيار). يعني: إذا حلبها إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر، وأخرجه الطحاوي أيضا من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة. وأما رواية محمد بن سيرين فأخرجها مسلم عن محمد بن عمرو بن حبلة عن أبي عامر العقدي. وأخرجها مسلم وأبو داود والنسائي من رواية أيوب عن محمد بن سيرين. وأما رواية الأعرج فأخرجها الشيخان وأبو داود من طريق مالك عن أبي الزناد عن الأعرج. وأما رواية همام فانفرد بها مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام. وأما رواية أبي صالح فانفرد بها مسلم أيضا من رواية يعقوب ابن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه. وأما رواية موسى بن يسار فأخرجها مسلم والنسائي من رواية داود بن قيس عنه. وأما رواية ثابت وهو ابن عياض، فأخرجها البخاري وأبو داود من رواية زياد بن سعد عنه. وأما رواية مجاهد والوليد بن رباح فذكرهما البخاري تعليقا على ما يأتي وأخرج الطحاوي هذا الحديث من ثمان طرق عن ابن سيرين بطريقين أحدهما معه خلاس بن عمرو ومحمد بن زياد وموسى بن يسار والأعرج وعكرمة وأبو إسحاق السبيعي وعبد الرحمن بن سعد مع عكرمة..
قوله: (لا تصروا الإبل)، بفتح التاء وضم الصاد، وهو نهي للجماعة، والإبل، منصوب ويروى: (لا تصر)، بضم التاء وفتح الصاد بصيغة الإفراد على بناء المجهول، الإبل مرفوع به، والغنم عطف على الإبل بالوجهين. قوله: (فمن ابتاعها) أي: فمن اشترى المصراة. قوله: (بعد)، قال الكرماني: أي بعد هذا النهي، أو: بعد صر البائع. قلت: الوجه الثاني هو الأوجه، والأول فيه البعد. قوله: (فإنه)، أي: فإن الذي ابتاعها. قوله: (بخير النظرين)، أي: بخير الرأيين. قوله: (أن يحتلبها)، بكسر: إن، كذا في الأصل على أنها شرطية، ويحتلبها بالجزم لأنه فعل الشرط، وفي رواية ابن خزيمة والإسماعيلي من طريق أسد بن موسى عن الليث: بعد أن يحلبها، بفتح: أن، ونصب: يحلبها، وظاهر الحديث أن الخيار لا يثبت إلا بعد الحلب، والجمهور على أنه إذا علم بالتصرية ثبت له الخيار، ولو لم يحلب. لكن لما كانت التصرية لا تعرف غالبا إلا بعد الحلب ذكر قيدا في ثبوت الخيار، فلو ظهرت التصرية بعد الحلب فالخيار ثابت. قوله: (وإن شاء ردها)، وفي رواية مالك: (وإن سخطها ردها). قوله: (وصاع تمر)، منصوب بشيء مقدر، والتقدير: ورد معها صاع تمر، قيل: يجوز أن يكون مفعولا معه، وأجيب: بأن جمهور النحاة على أن شرط المفعول معه أن يكون فاعلا نحو: جئت أنا وزيدا.
ذكر ما يستفاد منه: احتج بهذا الحديث ابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وأبو سليمان وزفر وأبو يوسف في بعض الروايات، فقالوا: من اشترى مصراة فحلبها فلم يرض بها فإنه يردها إن شاء، ويرد معها صاعا من تمر، إلا أن مالكا قال: يؤدي أهل كل بلد صاعا من أغلب عيشهم، وابن أبي ليلى قال: يرد معها قيمة صاع من تمر، وهو قول أبي يوسف، ولكنه غير مشهور عنه، وقال زفر: يرد معها صاعا من تمر أو صاعا من شعير، أو نصف صاع من تمر. وفي (شرح الموطأ) للأشبيلي: قال مالك: إذا احتلبها ثلاثا وسخطها لاختلاف لبنها ردها ومعها صاعا من قوت ذلك البلد، تمرا كان أو برا أو غيره. وبه قال الطبري وأبو علي بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي، وعن مالك: يرد مكيلة ما حلب من اللبن تمرا أو قيمته. وقال أكثر أصحاب الشافعي: لا يكون إلا من التمر، وإذا لم يجد المشتري التمر فهل ينتقل إلى غيره؟ حكى الماوردي فيه وجهين: أحدهما: يرد قيمته بالمدينة. والثاني: قيمته بأقرب بلاد التمر إليه. واقتصر الرافعي على نقل الوجه الأول عن الماوردي، والوجهان معا في (الحاوي). فإن اتفق المتبايعان على غير التمر في رد بدل لبن المصراة، فقد حكى الرافعي عن ابن كج وجهين في إجزاء البر عن التمر إذا اتفقا عليه، فكان كالاستبدال عما في ذمته، وقال أبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف في المشهور عنه ومالك في رواية وأشهب من المالكية وابن أبي ليلى في رواية وطائفة من أهل العراق: ليس للمشتري رد المصراة بخيار العيب، ولكنه يرجع بالنقصان، لأنه وجد ما يمنع الرد وهو الزيادة المنفصلة عنها، وفي الرجوع بالنقصان روايتان عن أبي حنيفة في رواية (شرح الطحاوي): يرجع
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»