عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ١٤
ورواه النسائي في كتاب (الأسماء والكنى) في ترجمة أبي إسحاق، وقال: اسمه إبراهيم بن عبد الرحمن، منكر الحديث. وحديث حبان بن المنذر رواه أبو بكر الخطيب نحو حديث خباب بن الأرت. وحديث خباب بن الأرت رواه الطبراني والدارقطني والبيهقي من طريقه من رواية كيسان أبي عمر القصاب عن عمر بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي، صلى الله عليه وسلم: (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة). قال الدارقطني: كيسان أبو عمر ليس بالقوي، وقد ضعفه يحيى بن معين والساجي. وحديث أبي هريرة رواه البيهقي من رواية عمر بن قيس عن عطاء (عن أبي هريرة، قال: لك السواك إلى العصر، فإذا صليت العصر فألقه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). وعمر بن قيس هو الملقب بسند مكي متروك، قاله أحمد والنسائي وغيرهما، ولكن الحديث المرفوع منه صحيح، أخرجه البخاري ومسلم من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
وأما استدلال أبي هريرة به على السواك فليس في الصحيح، وأما حكم السواك للصائم فاختلف العلماء فيه على ستة أقوال: الأول: أنه لا بأس به للصائم مطلقا قبل الزوال وبعده، ويروى عن علي وابن عمر أنه: لا بأس بالسواك الرطب للصائم، ورواه ذلك أيضا عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وإبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين وأبي حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي وابن علية، ورويت الرخصة في السواك للصائم عن عمر وابن عباس، وقال ابن علية: السواك سنة للصائم والمفطر والرطب واليابس سواء. الثاني: كراهيته للصائم بعد الزوال واستحبابه قبله برطب أو يابس، وهو قول الشافعي في أصح قوليه، وأبي ثور، وقد روي عن علي، رضي الله تعالى عنه، كراهة السواك بعد الزوال رواه الطبراني. الثالث: كراهته للصائم بعد العصر فقط، ويروى عن أبي هريرة. الرابع: التفرقة بين صوم الفرض وصوم النفل، فيكره في الفرض بعد الزوال ولا يكره في النفل، لأنه أبعد عن الرياء، حكاه المسعودي عن أحمد بن حنبل، وحكاه صاحب المعتمد من الشافعية عن القاضي حسين. الخامس: أنه يكره السواك للصائم بالسواك الرطب دون غيره، سواء أول النهار وآخره، وهو قول مالك وأصحابه، وممن روي عنه كراهة السواك الرطب للصائم الشعبي وزياد بن حدير وأبو ميسرة والحكم ابن عتيبة وقتادة. السادس: كراهته للصائم بعد الزوال مطلقا، وكراهة الرطب للصائم مطلقا، وهو قول أحمد وإسحاق بن راهويه.
وقال ابن عمر يستاك أول النهار وآخره ولا يبلع ريقه مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق، وهذا التعليق روى معناه ابن أبي شيبة عن حفص عن عبيد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر، بلفظ: (كان يستاك إذا أراد أن يروح إلى الظهر وهو صائم).
وقال عطاء إن ازدرد ريقه لا أقول يفطر أي: قال عطاء بن أبي رباح في أثر ابن عمر المذكور: إن ازدرد، أي: إن ابتلع ريقه بعد التسوك لا يفطر، وأصل: ازدرد: ازترد لأنه من: زرد، إذا بلع فنقل إلى باب الافتعال: فصار: ازترد، ثم قلبت: التاء دالا، فصار: ازدرد.
وقال ابن سيرين لا بأس بالسواك الرطب قيل له طعم قال والماء له طعم وأنت تمضمض به ابن سيرين هو محمد بن سيرين، وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة عن عبيد بن سهل الفداني عن عقبة بن أبي حمزة المازني، قال: أتى محمد بن سيرين رجل فقال: ما ترى في السواك للصائم؟ قال: لا بأس به. قال: إنه جريدة وله طعم، قال: الماء له طعم وأنت تمضمض به. فإن قلت: لا طعم للماء لأنه تفه. قلت: قال الله تعالى: * (ومن لم يطعمه فإنه منى) * (البقرة: 942). وقال صاحب (المجمل): الطعام يقع على كل ما يطعم حتى الماء.
ولم يرع أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسا
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»