عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٩٨
قال الإسماعيلي وابن بطال وآخرون: ليس في الحديث الذي أورده البخاري في هذا الباب ما يطابق الترجمة، لأن الحديث مطلق في ثلاثة أيام من كل شهر، والترجمة مذكورة بما ذكره. قلت: قد أجبنا عن هذا عند تفسيرنا قوله: (ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) على أنا قد ذكرنا عن قريب عن أبي هريرة في بعض طرق حديثه ما يوافق الترجمة.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: أبو معمر، بفتح الميمين: واسمه عبد الله بن عمرو المنقري المقعد. الثاني: عبد الوارث بن سعيد التيمي. الثالث: أبو التياح، بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة: واسمه يزيد بن حميد الضبعي. الرابع: أبو عثمان، هو أبو عبد الرحمن بن مل النهدي. الخامس: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: ثلاثة من الرواة مذكورون بالكنى، وقيل: أبو التياح لقب غير كنية، ويكنى أبا حماد. وفيه: أن رواته الثلاثة الأول كلهم بصريون، وأبو عثمان كوفي، ولكنه سكن البصرة، وقد روى عن أبي هريرة جماعة منهم أبو عثمان لكن لم يقع في البخاري حديث موصول من رواية أبي عثمان عن أبي هريرة إلا من رواية النهدي، وليس له في البخاري سوى هذا وآخر في الأطعمة، ووقع عند مسلم: عن شيبان عن عبد الوارث بهذا الإسناد، فقال فيه: حدثني أبو عثمان النهدي، وقد مضى هذا الحديث في: باب صلاة الضحى في السفر، فإنه أخرجه هناك عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة عن عباس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة، وبين بعض متنيه اختلاف، وقد مر الكلام فيه مستوفى. قوله: (خليلي) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (بثلاث)، أي: بثلاث أشياء. قوله: (صيام ثلاثة أيام)، بالجر على أنه بدل من: ثلاث. قوله: (وركعتي الفجر)، عطف عليه. قوله: (وأن أوتر) كلمة: أن، مصدرية أي: بأن أوتر، أي: بالوتر، أي: بصلاته قبل أن أنام، أي قبل النوم، وإنما أفرده بهذه الوصية لأنه كان يوافقه في إيثار الاشتغال بالعبادة على الاشتغال بالدنيا، لأن أبا هريرة كان يصبر على الجوع في ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم، ألا ترى كيف قال: أما إخواني فكان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
16 ((باب من زار قوما فلم يفطر عندهم)) أي: هذا باب في بيان من زار قوما وهو صائم في التطوع فلم يفطر عندهم، وهذا الباب يقابل الباب الذي قبله بعشرة أبواب، وهو باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع.
2891 حدثنا محمد بن المثنى قال حدثني خالد هو ابن الحارث قال حدثنا حميد عن أنس رضي الله تعالى عنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سليم فأتته بتمر وسمن قال أعيدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فإني صائم ثم قام إلى ناحية من نواحي البيت فصلى غير المكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها فقالت أم سليم يا رسول الله إن لي خويصة قال هي قالت خادمك أنس فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به قال أللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له فإني لمن أكثر الأنصار مالا ح وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم حجاج البصرة بضع وعشرون ومائة..
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد ذكروا وهم كلهم بصريون.
قوله: (هو ابن الحارث) بيان من البخاري لأن شيخه كأنه قال: حدثنا خالد، وأراد بالبيان رفع الإبهام لاشتراك من سمي خالدا في الرواية عن حميد، ولكن هذا غير مطرد له فإنه كثيرا ما يقع له ولمشايخه مثل هذا الإبهام ولا يلتفت إلى بيانه. وهذا الحديث من أفراده. قوله: (على أم سليم)، بضم السين المهملة وفتح اللام: واسمها الغميصاء، وقيل: الرميصاء، وقال أبو داود: الرميصاء أم سليم سهلة، ويقال: وصيلة، ويقال: رميئة، ويقال: أنيفة، ويقال: مليكة. وقال ابن التين: كان صلى الله عليه وسلم يزور أم سليم لأنها خالته من الرضاعة، وقال أبو عمر: إحدى خالاته من
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»