عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢١٦
اللعب المعروف، ويؤيده: (تضاحكها وتضاحكك)، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون من اللعاب وهو: الريق. قوله: (قلت: إن لي إخوات) وفي رواية لمسلم (قلت له: إن عبد الله هلك وترك تسع بنات أو سبع بنات... فإني كرهت أن آتيهن أو أجيئهن بمثلهن، فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهم وتصلحهن. قال: فبارك الله لك، أو قال لي خيرا). وفي رواية أخرى لمسلم: (توفي والدي أو استشهد ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن وتؤدبهن). قوله: (وتمشطهن)، من: مشطت الماشطة المرأة إذا سرحت شعرها، وهو من باب نصر ينصر، والمصدر المشط، والمشاطة ما سقط منه. قوله: (أما إنك قادم) قال الداودي: يحتمل أن يكون إعلاما. قوله: (فإذا قدمت) أي: المدينة. قوله: (فالكيس)، جواب: إذا، وانتصابه بفعل مضمر أي: فالزم الكيس، وهو بفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة، واختلفوا في معناه، فقال البخاري: إنه الولد. وقال الخطابي: هذا مشكل وله وجهان إما أن يكون حضه على طلب الولد، واستعمال الكيس والرفق فيه، إذ كان جابر لا ولد له إذ ذاك، أو يكون أمره بالتحفظ والتوقي عند إصابة أهله مخافة أن تكون حائضا، فيقدم عليها لطول الغيبة، وامتداد العزبة. والكيس: شدة المحافظة على الشيء. وقيل: الكيس هنا الجماع. وقيل: العقل، كأنه جعل طلب الولد عقلا. وقال النووي: والمراد بالعقل حثه على ابتغاء الولد. قوله: (أتبيع جملة؟ قلت: نعم)، وفي رواية لمسلم: (بعنيه بوقية. قلت: لا، ثم قال: بعنيه، فبعته بوقية، واستثبت عليه حملانه إلى أهلي) وفي رواية له: (أفتبيعنيه؟) فاستحييت، ولم يكن لي ناضح غيره، قال: قلت: نعم، فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة، وفي رواية أخرى: (قال لي: بعني جملك هذا. قال: قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله. قال: لا بعينه، قال قلت: فإن لرجل على أوقية ذهب، فهو لك بها. قال: قد أخذته، فتبلغ عليه إلى المدينة). قوله: (فاشتراه مني بأوقية)، بضم الهمزة وكسر القاف وتشديدالياء آخر الحروف، والجمع يشدد ويخفف، مثل أثافي وأثاف. وقد جاء في رواية للبخاري وغيره: وقية، بدون الهمزة وليست بلغة عالية، وكانت الوقية قديما عبارة عن أربعين درهما، وقد اختلفت الروايات ههنا، ففي رواية أنه باعه بخمس أواقي وزاد في أوقية، وفي بعضها بأوقيتين ودرهم أو درهمين، وفي بعضها: بأوقية ذهب، وفي رواية بأربعة دنانير، وفي الأخرى بأوقية، ولم يقل: ذهبا ولا فضة، وقال الداودي: ليس لأوقية الذهب وزن يحفظ، وأما أوقية الفضة فأربعون درهما. فإن قلت: ما حكم اختلاف هذه الروايات وسببها؟ قلت: سببها نقل الحديث على المعنى، وقد تجد الحديث الواحد قد حدث به جماعة من الصحابة والتابعين بألفاظ مختلفة، أو عبارات متقاربة ترجع إلى معنى واحد. فإن قلت: كيف التلفيق بين هذه الروايات؟ قلت: إما ذكر الأوقية المهملة فيفسرها قوله: أوقية ذهب، وإليه يرجع اختلاف الألفاظ، إذ هي في رواية سالم بن أبي الجعد عن جابر يفسره بقوله: (إن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها). ويكون قوله في الرواية الأخرى: (فبعته منه بخمس أواقي) أي: فضة صرف، أوقية الذهب حينئذ كأنه أخبر مرة عما وقع به البيع من أوقية الذهب أولا، ومرة عما كان به القضاء من عدلها فضة. والله أعلم. ويعضد هذا في آخر الحديث في رواية مسلم: (خذ حملك ودراهمك فهو لك) وفي رواية من قال: مأتي درهم، لأنه خمس أواقي، أو يكون هذا كله زيادة على الأوقية كما قال: (فما زال يزيدني). وأما ذكر الأربعة الدنانير فموافقة لأوقية إذ قد يحتمل أن يحتمل أن يكون وزان أوقية الذهب حينئذ وزان أربعة دنانيرهم. لأن دنانيرهم مختلفة، وكذلك دراهمهم، ولأن أوقية الذهب غير محققة الوزن، بخلاف الفضة. أو يكون المراد بذلك أنها صرف أربعين درهما، فأربعة دنانير موافقة لأوقية الفضة، إذ هي صرفها، ثم قال: أوقية ذهب، لأنه أخذ عن الأوقية عدلها من الذهب الدنانير المذكور، أو يكون ذكر الأربعة دنانير في ابتداء المماكسة، وانعقد البيع بأوقية. وأما قوله: أوقيتان، فيحتمل أن الواحدة هي التي وقع بها البيع والثانية زادها إياه. ألا ترى كيف قال في الرواية الأخرى: وزادني أوقية. وذكره الدرهم والدرهمين مطابق لقوله: (وزادني قيراطا) في بعض الروايات. قوله: (فدع) أي: أترك. قوله: (فادخل) ويروى: وادخل، بالواو. قوله: (حتى وليت)، بفتح اللام المشددة أي: أدبرت. قوله: (أدع) بصيغة المفرد، ويروى: ادعوا، بصيغة الجمع. قوله: (منه) أي: من رد الجمل. قوله: (الكيس الولد)، هذا تفسير البخاري.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»