عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢١٥
قلت الآن يرد علي الجمل ولم يكن شيء أبغض إلي منه قال خذ جملك ولك ثمنه الكيس الولد كنأ عن العقل. (انظر الحديث 344 أطرافه).
مطابقته للترجمة في لفظ الجمل، فإنه ذكر فيه مكررا، والجمل من الدواب. وعبد الوهاب: ابن عبد المجيد الثقفي البصري وعبيد الله: ابن عمر، ووهب بن كيسان، بفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة في آخره نون: أبو نعيم الأسدي.
وهذا الحديث ذكره البخاري في نحو عشرين موضعا. وسنقف على كلها في مواضعها. إن شاء الله تعالى، وأخرجه في الشروط مطولا جدا. وقال المزي: حديث البعير مطول، ومنهم من اختصره. ورواه البخاري من طريق وهب بن كيسان عن جابر، ومن طريق الشعبي عنه. وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بألفاظ مختلفة وأسانيد متغايرة.
ذكر معناه: قوله: (في غزاة)... قوله: (فأبطأ بي جملي) قال الفراء: الجمل زوج الناقة، والجمع جمال وأجمال وجمالات وجمائل، ويطلق عليه البعير، لأن جابرا قال في الحديث، في رواية أبي داود: بعته، يعني: بعيره، من النبي، صلى الله عليه وسلم، واشترطت حملانه إلى أهله. وقال في آخره: ترأني إنما ما كستك لأذهب بجملك، خذ جملك وثمنه فهما لك. وقال أهل اللغة: البعير الجمل البازل. وقيل: الجذع، وقد يكون للأنثى، ويجمع على أبعرة وأباعر وأباعير وبعران وبعران. قوله: (وأعيى) أي: عجز عن الذهاب إلى مقصده لعيه وعجزه عن المشي، يقال: عييت بأمري: إذا لم تهتد لوجهه، وأعياني هو، ويقال: أعيى فهو معيي، ولا يقال: عيا. وأعياه الله، كلاهما بالألف يستعمل لازما ومتعديا. قوله: (فأتى على النبي، صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية الطحاوي: (فأدركه رسول الله، صلى الله عليه وسلم). وفي رواية للبخاري (فمر النبي، صلى الله عليه وسلم، فضربه فدعا له، فسار سيرا ليس يسير مثله). وفي رواية مسلم (كان يعني جابرا يسير على جمل له قد أعي، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي، صلى الله عليه وسلم، فدعا لي، فسار سيرا لم يسر مثله). قوله: (فقال جابر)، قال الكرماني: جابر ليس هو فاعل قال، ولا منادى، بل هو خبر لمبتدأ محذوف، قلت: نعم: قوله: ليس هو فاعل قال، صحيح وأما قوله: ولا منادى، غير صحيح، بل هو منادى تقديره: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: يا جابر، وحذف منه حرف النداء، وكذا وقع في رواية الطحاوي، (فقال: فأدركه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شأنك يا جابر؟ فقال: أعيى ناضحي يا رسول الله! فقال: أمعك شيء؟ فأعطاه قضيبا أو عودا فنخسه أو قال: فضربه به فسار مسيرة لم يكن يسير مثلها). وذكر هنا: الناضح، موضع: البعير، و: الناضح، بالنون والضاد المعجمة والحاء المهملة: البعير الذي يستقى عليه، والأنثى ناضحة وسانية. قوله: (ما شأنك؟) أي: ما حالك؟ وما جرى لك حتى تأخرت عن الناس؟ قوله: (فنزل) أي: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال في (التوضيح): فيه نزول الشارع لأصحابه. قوله: (يحجنه)، جملة وقعت حالا، وهو مضارع: حجن، بالحاء المهملة والجيم والنون. يقال: حجنت الشيء إذا اجتذبته بالمحجن إلى نفسك، والمحجن، بكسر الميم عصا في رأسه اعوجاج يلتقط به الراكب ما سقط منه. قوله: (أكفه)، أي: أمنعه حتى لا يتجاوز رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (تزوجت؟) أي: أتزوجت؟ وهمزة الاستفهام مقدرة فيه. قوله: (بكرا أم ثيبا؟) أي: أتزوجت بكرا أم تزوجت ثيبا والثيب من ليس ببكر، ويقع على الذكر والأنثى. يقال: رجل ثيب وامرأة ثيب، وقد يطلق على المرأة البالغة وإن كانت بكرا مجازا أو اتساعا. والمراد ههنا: العذراء. قوله: (أفلا جارية؟) أي: أفلا تزوجت جارية؟ أي: بكرا؟ قوله: (تلاعبها وتلاعبك)، وفي رواية: (قال: فأين أنت من العذراء ولعابها؟) وفي رواية أخرى: (فهلا تزوجت بكرا تضاحكك وتضاحكها، وتلاعبها وتلاعبك؟) وقال النووي: أما قوله، صلى الله عليه وسلم: (ولعابها)، فهو بكسر اللام، ووقع لبعض رواة البخاري بضمها، وقال القاضي عياض: وأما الرواية في كتاب مسلم فبالكسر لا غير، وهو من: الملاعبة، مصدر: لاعب ملاعبة، كقاتل مقاتلة، قال: وقد حمل جمهور المتكلمين في شرح هذا الحديث قوله، صلى الله عليه وسلم: (تلاعبها)، على
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»