عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٠٦
و إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي أبو إسماعيل الكوفي، و عبد الله بن أبي أوفى بلفظ أفعل التفضيل واسم أبي أوفى علقمة الأسلمي، له ولأبيه صحبة، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة، وهو من جملة من رآه أبو حنيفة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم.
والحديث من أفراد البخاري، وأخرجه أيضا في التفسير عن علي بن أبي هاشم وفي الشهادات عن إسحاق عن يزيد بن هارون.
قوله: (أقام) أي: روج، يقال: قامت السوق أي: راجت ونفقت. والسلعة: المتاع، والواو في قوله: وهو، للحال. قوله: (بالله)، يحتمل أن يكون صلة: لحلف، وأن لا يكون صلة له، بل قسم. وقوله: (ولقد) جواب قسم. قوله: (بها) أي: بدل سلعته، أي: حلف بأنه أعطى كذا وكذا وما أخذت، ويكذب فيه، ترويجا لسلعته. قوله: (ليوقع)، أي: لأن يوقع فيها، أي: في سلعته، رجلا من المسلمين الذين يريدون الشراء. قوله: (فنزلت هذه الآية)، وهي: * (إن الذين يشترون) * (آل عمران: 77). الآية نزلت فيمن يحلف يمينا فاجرة لينفق سلعته، وقيل: نزلت في الأشعث بن قيس، نازع خصما في أرض فقام ليحلف فنزلت. قلت: روى الإمام أحمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق بن سلمة حدثنا عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان). قال: فجاء الأشعث بن قيس. فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ فحدثناه، فقال: في كان هذا الحديث، خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بئر كانت لي في يده، فجحدني، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ببينتك أنها بئرك وإلا فبيمينه. قال: قلت: يا رسول الله! ما لي بينة، وإن تجعلها بيمينه ويذهب بئري، إن خصمي امرؤ فاجر. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع..) الحديث. قال: وقرأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم هذه الآية: * (إن الذين يشترون) * (آل عمران: 77). إلى قوله: * (ولهم عذاب أليم) * (آل عمران: 77). وفي (تفسير الطبري): نزلت في أبي رافع وكنانة ابن أبي الحقيق وحيي بن أخطب، وقال الزمخشري: نزلت في الذين حرفوا التوراة، وقال مقاتل: نزلت في رؤوس اليهود: كعب بن الأشرف وابن صريا. قوله: * (إن الذين يشترون بعهد الله) * (آل عمران: 77). أي: بما عاهدوه من الإيمان والإقرار بوحدانيته. قوله: * (وأيمانهم) * (آل عمران: 77). أي: وأيمانهم الكاذبة * (ثمنا قليلا) * (آل عمران: 77). أي: عوضا يسيرا * (أولئك لا خلاق لهم) * (آل عمران: 77). أي: لا نصيب لهم في الآخرة ولاحظ لهم منها. قوله: * (ولا يكلمهم الله) * (آل عمران: 77). أي: كلام لطيف، ولا ينظر إليهم بعين الرحمة، ولا يزكيهم من الذنوب والأدناس، وقيل: لا يثني عليهم، بل يأمر بهم إلى النار * (ولهم عذاب أليم) * (آل عمران: 77). وقال ابن أبي حاتم عن أبي العالية: الأليم: الموجع في القرآن كله. قال: وكذلك فسره سعيد بن جبير والضحاك ومقاتل وقتادة وأبو عمران الجوني، وما يتعلق بهذه الآية الكريمة ما رواه الإمام أحمد من حديث أبي ذر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. قلت: يا رسول الله! من هم خسروا وخابوا؟ قال، وأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: المسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، والمنان). ورواه مسلم وأهل السنن من طريق شعبة، وروى أحمد أيضا من حديث أبي ذر وفيه: (ثلاثة يشنأهم الله: التاجر الحلاف، أو قال البائع الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنان).
82 ((باب ما قيل في الصواغ)) أي: هذا باب في بيان ما قيل في حق الصواغ، والمراد بهذه الترجمة والتراجم التي بعدها من أصحاب المصانع التنبيه على أن هذه كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أقرها مع العلم بها، فكان كالنص على جوازها، وما لم يذكر يعمل فيه بالقياس، والصواغ، بفتح الصاد على وزن فعال بالتشديد، هو الذي يعمل الصياغة، وبضم الصاد جمع صائغ.
وقال طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلى خلاها وقال العباس إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم فقال: إلا الإذخر مطابقته للترجمة في قوله: (لقينهم)، لأن القين يطلق على: الحداد والصائغ، قاله ابن الأثير، وهذان التعليقان أسندهما البخاري في كتاب الحج في: باب لا ينفر صيد الحرم. وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.
قوله: (لا يختلى)، بالخاء المعجمة أي: لا يقطع، والخلا بفتح الخاء مقصورا: الرطب من الحشيش.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»