عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٠٨
وهو رهط من اليهود، وقيل: قينقاع أبو سبط من يهود المدينة، وهم أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا فيما بين بدر وأحد، فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه. قوله: (بإذخر)، بكسر الهمزة والخاء المعجمة، وهي حشيشة طيبة الريح تسقف بها البيوت فوق الخشب، ويستعملها الصواغون أيضا. قوله: (في وليمة عرسي) الوليمة طعام العرس، وقيل: الوليمة اسم لكل طعام، والعرس، بضم الراء وإسكانها بمهملة: الأملاك والبناء أنثى، وقد يذكر وتصغيرها بغير هاء وهو نادر لأن حقه الهاء إذ هو يؤنث على ثلاثة أحرف، والجمع أعراس وعرسات، والعروس: نعت الرجل والمرأة، يقال: رجل عروس في رجال أعراس، وامرأة عروس في نسوة عرائس، ذكره ابن سيده، وفي (التهذيب) للأزهري: العرس طعام الوليمة، وهو من أعرس الرجل بأهله إذا بنى عليها ودخل بها، وتسمى الوليمة عرسا، والعرب تؤنث العرس، وعن الفراء والأصمعي وأبي زيد ويعقوب: هي أنثى، وتصغيرها: عريس. وعريسة، وهو طعام الزفاف، والعرس مثل قرط اسم للطعام الذي يتخذ للعروس.
ذكر ما يستفاد منه فيه: جواز بيع الإذخر وسائر المباحات والاكتساب منها للرفيع والوضيع. وفيه: الاستعانة بأهل الصناعة فيما ينفق عندهم. وفيه: جواز معاملة الصائغ ولو كان يهوديا. وفيه: الاستعانة على الولائم والتكسب لها من طيب ذلك الكسب. وفيه: أن طعام الوليمة على الناكح.
0902 حدثنا إسحاق قال حدثنا خالد بن عبد الله عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم مكة ولم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي وإنما حلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف. وقال عباس بن عبد المطلب إلا الإذخر لصاغتنا ولسقف بيوتنا فقال إلا الإذخر فقال عكرمة هل تدري ما ينفر صيدها هو أن تنحيه من الظل وتنزل مكانه..
مطابقته للترجمة في قوله: (لصاغتنا)، وهو جمع صائغ وإسحاق هذا هو ابن شاهين الواسطي، نص عليه ابن ماكولا وابن البيع، وأكد ذلك قول الإسماعيلي: حدثنا ابن عبد الكريم حدثنا إسحاق بن شاهين حدثنا خالد، وقول أبي نعيم: حدثنا أحمد بن عبد الكريم الوزان حدثنا إسحاق بن شاهين حدثنا خالد، وخالد الأول هو الطحان وخالد الثاني هو الحذاء، وقد مضى الحديث في كتاب الحج في: باب لا ينفر صيد الحرم، وقد مضى الكلام فيه هناك مستوفى.
قال عبد الوهاب عن خالد لصاغتنا وقبورنا هذا التعليق وصله البخاري في كتاب الحج، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.
92 ((باب ذكر القين والحداد)) أي: هذا باب في بيان ما جاء في ذكر القين، بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره نون. وقال ابن دريد: أصل القين الحداد، ثم صار لكل صائغ عند العرب قينا. وقال الزجاج: القين الذي يصلح الأسنة، والقين أيضا: الحداد. قوله: (والحداد)، عطف على القين، من عطف التفسير. وقال بعضهم: وكان البخاري اعتمد القول الصائر إلى التغاير بينهما وليس في الحديث الذي أورده في الباب إلا ذكر القين، فكأنه ألحق الحداد به في الترجمة لاشتراكهما في الحكم قلت: لا يحتاج إلى هذا التكلف الذي لا وجه له، فالوجه ما ذكرناه، لأن القين يطلق على معان كثيرة فيطلق على العبد: قين، وعلى الأمة: قينة، وكذلك يطلق على الجارية المغنية وعلى الماشطة قينة، فعطف الحداد على القين ليعلم أن مراده من القين هو الحداد لا غير، وذلك كما في قوله تعالى: * (إنما اشكو بثي وحزني إلى الله) * (يوسف: 68). وفي الحديث: (ليليني منكم ذووا الأحلام والنهي)، وقالت النحاة: هذا من عطف الشيء على مرادفه. والتقين التزين بأنواع الزينة، وقالت أم أيمن: أنا قينت عائشة، رضي الله تعالى عنها، أي:
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»