عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ١٦٢
محمد بن مسلم.
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري به. وأخرجه النسائي في العلم عن محمد بن خالد بن خلي بن بشر بن شعيب عن أبي حمزة عن أبيه به.
قوله: (يكثر الحديث)، بضم الياء من الإكثار. قوله: (ما بال المهاجرين؟) أي: ما حالهم؟ قوله: (وإن إخواني) ويروى: (إن إخوتي) أي: في الدين. قوله: (يشغلهم) بفتح الياء وهو فعل متعد. قوله: (صفق) بالصاد المهملة، كذا في رواية أبي ذر. وعند غيره: (سفق)، بالسين. وقال الخليل: كل صاد تجيء قبل الفاء، وكل سين تجيء بعد القاف، فللعرب فيه لغتان: سين وصاد، ولا يبالون اتصلت أو انفصلت بعد أن تكونا في كلمة إلا أن الصاد في بعض أحسن والسين في بعض أحسن. وقال الخطابي: وكانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكف إمارة لانتزاع البيع، وذلك أن الأملاك إنما تضاف إلى الأيدي، والقبوض تبع لها، فإذا تصافقت الأكف انتقلت الأملاك واستقرت كل يد منها على ما صار لكل واحد منهما من ملك صاحبه، وكان المهاجرون تجارا والأنصار أصحاب زرع، فيغيبون بها عن حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر أحواله ولا يسمعون من حديثه إلا ما كان يحدث به في أوقات شهودهم، وأبو هريرة حاضر دهره لا يفوته شيء منها: إلا ما شاء الله، ثم لا يستولي عليه النسيان لصدق عنايته بضبطه وقلة استعماله بغيره، وقد لحقته دعوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقامت له الحجة على من أنكر أمره واستغرب شأنه. قوله: (على ملء بطني) بكسر الميم أي: مقتنعا بالقوت. قوله: (فاشهد) أي: فأحضر إذا غابوا. قوله: (نسوا)، بفتح النون وضم السين المخففة، وأصله: نسيوا، فنقلت ضمة الياء إلى ما قبلها فاجتمع ساكنان فحذفت الياء فصار: نسوا، على وزن: فعوا. قوله: (وكان يشغل)، بفتح الياء وفاعله قوله: (عمل أموالهم) بالرفع، وإخواني في محل النصب على المفعولية. قوله: (الصفة) أي: صفة مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم التي كانت منزل غرباء فقراء أصحابه، وقال ابن الأثير: أهل الصفة، هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع يظلل في مسجد المدينة يسكنونه، وكان أبو هريرة رئيسهم. قوله: (أعي) أي: أحفظ، من: وعى يعي وعيا، إذا حفظ، وأصله: أوعى، وحذفت الواو منه تبعا ليعي، إذ أصله: يوعى، حذفت الواو منه لوقوعها بين الياء والكسرة. قيل: أعي، حال عن فاعل: كنت، والحال مقارن له، فكيف يكون هو ماضيا وهذا مستقبلا؟ وأجيب: بأنه استئناف، مع أنه لو كان حالا يصح لأن المضارع يكون لحكاية الحال، وإنما اختصر في حق الأنصار بهذا وترك ذكر: أشهد إذا غابوا، لأن غيبة الأنصار كانت أقل، وكيف لا والمدينة بلدهم ومسكنهم، ووقت الزراعة وقت معلوم؟ فلم يعتد بغيبتهم لقلتها أو أن هذا عام للطائفتين، كما: (أن أشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا) يعم بأن يقدر في قضية الأنصار أيضا بقرينة السياق. قوله: (نمرة)، بفتح النون وكسر الميم، وهي كساء ملون، ولعله أخذ من النمر لما فيه من سواد وبياض. وفي الحديث (الحرص على التعلم وإيثار طلبه على طلب المال، وفضيلة ظاهرة لأبي هريرة وأنه، صلى الله عليه وسلم، خصه ببسط ردائه وضمه، فما نسي من مقالته شيئا، قيل: إذا كان أبو هريرة أكثر أخذا للعلم يكون أفضل من غيره، لأن الفضيلة ليست إلا بالعلم والعمل؟ وأجيب: بأنه لا يلزم من أكثرية الأخذ كونه أعلم، ولا باشتغالهم عدم زهدهم، مع أن الأفضلية معناها: أكثرية الثواب عند الله، وأسبابه لا تنحصر في أخذ العلم ونحوه، وقد يكون بإعلاء كلمة الله ونحوه، كذا قيل، والأحسن أن يقال: لا يستلزم الأفضلية في نوع، الأفضلية في كل الأنواع، فافهم.
8402 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال قال عبد الرحمان بن عوف رضي الله تعالى عنه لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع فقال سعد بن الربيع إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت تزوجتها قال فقال له عبد الرحمان لا حاجة لي في ذلك هل من سوق فيه تجارة قال سوق قينقاع قال فغدا إليه عبد الرحمان فأتى بأقط وسمن قال ثم تابع الغدو فما لبث
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»