عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ١٥١
الاستئذان عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد وعن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي اليمان به. وأخرجه أبو داود في الصوم وفي الأدب عن أحمد بن محمد شبويه المروزي وعن محمد بن يحيى. وأخرجه النسائي في الاعتكاف عن إسحاق بن إبراهيم به وعن محمد بن خالد وعن محمد بن يحيى وعن محمد بن حاتم. وأخرجه ابن ماجة في الصوم عن إبراهيم ابن المنذر الحزامي.
ذكر معناه: قوله: (أنها جاءت) أي: أن صفية جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (تزوره)، من الأحوال المقدرة، وفي رواية معمر التي تأتي في صفة إبليس، فأتيته أزوره ليلا، وفي رواية هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه. فرحن وقال لصفية: لا تعجلي حتى أنصرف معك)، وذلك لأنه خشي عليها، وكان مشغولا فأمرها بالتأخر ليفرغ من شغله ويشيعها، وروى عبد الرزاق من طريق مروان بن سعيد بن المعلى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في المسجد فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرقن، فقال لصفية: أقلبك إلى بيتك، فذهب معها حتى أدخلها بيتها. وفي رواية هشام المذكورة (وكان بيتها في دار أسامة)، زاد: وفي رواية عبد الرزاق عن معمر: (وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد) أي الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد، لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية، وكانت بيوت أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، حوالي أبواب المسجد. قوله: (فتحدثت عنده ساعة)، أي: فتحدثت صفية عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وفي الأدب عن الزهري: ساعة من العشاء. قوله: (ثم قامت تنقلب) أي: ترد إلى بيتها، ( فقام معها يقلبها) بفتح الياء وسكون القاف أي: يردها إلى منزلها، يقال: قلبه يقلبه وانقلب هو إذا انصرف. قوله: (فلقيه رجلان من الأنصار) قيل: هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر. وقال ابن التين في رواية سفيان عند البخاري: (فأبصره رجل من الأنصار)، وقال: لعله وهم، لأن أكثر الروايات: (فأبصره رجلان، وقال القرطبي: يحتمل أن يكون هذا مرتين، ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أقبل على أحدهما بالقول بحضرة الآخر، فتصح على هذا نسبة القصة إليهما جميعا وإفرادا. وفي رواية مسلم من حديث أنس بالإفراد، فوجهه ما ذكره القرطبي بالاحتمال الثاني. قوله: (فسلما على رسول الله، صلى الله عليه وسلم). وفي رواية معمر: (فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أجازا)، أي: مضيا. يقال: جاز وأجاز بمعنى، ويقال: جاز الموضع: إذا سار فيه، وأجازه إذا قطعه وخلفه، وفي رواية ابن أبي عتيق: (ثم نفذا)، وهو بالفاء وبالذال المعجمة، أي: خلفاه، وفي رواية معمر: (فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا) أي: في المشي. وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند ابن حبان: (فلما رأياه استحييا فرجعا). قوله: (على رسلكما)، بكسر الراء، أي: على هيئتكما. وقال ابن فارس: الرسل السير السهل، وضبطه بالفتح وجاء فيه الكسر والفتح بمعنى: التؤدة، وترك العجلة، وقيل: بالكسر: التؤدة، وبالفتح الرفق واللين، والمعنى متقارب. وفي رواية معمر: (فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم تعاليا)، بفتح اللام. قال الداودي: أي قفا. ذكره بعضهم بالنسبة إلى الداودي. وفي (التلويح): قال النووي: معناه: قفا. ولم يرد المجيء إليه، وقال ابن التين: فأخرجه عن معناه بغير دليل واضح. وقال الجوهري: التعالى الارتفاع، تقول منه إذا أمرت: تعال يا رجل، بفتح اللام وللمرأة: تعالى. وقال ابن قتيبة: تعالى تفاعل من علوت، وقال الفراء: أصله عال البناء، وهو من العلو. ثم إن العرب لكثرة استعمالهم إياها صارت عندهم بمنزلة: هلم، حتى استجازوا أن يقولوا: لرجل وهو فوق شرف: تعالى أي: إهبط، وإنما أصلها الصعود. قوله: (إنما هي صفية بنت حيي) في رواية سفيان (هذه صفية). قوله: (فقالا: سبحان الله) إما حقيقة: أي أنزه الله تعالى عن أن يكون رسوله متهما بما لا ينبغي، أو كناية عن التعجب من هذا القول. قوله: (وكبر)، بضم الباء الموحدة أي: عظم وشق عليهما، وسيأتي في الأدب: (وكبر عليهما ما قال). وعن معمر: (فكبر ذلك عليهما) وفي رواية هشيم: (فقال: يا رسول الله! وهل نظن بك إلا خيرا؟) قوله: (إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم) أي: كمبلغ الدم. ووجه الشبه بين طرفي التشبيه شدة الاتصال وعدم المفارقة، وفي رواية معمر: (يجري من الإنسان مجرى الدم). وكذا في رواية ابن ماجة من طريق عثمان ابن عمر التيمي عن الزهري، وزاد عبد الأعلى: (فقال: إني خفت أن تظنا ظنا، إن الشيطان يجري...) إلى آخره. وفي رواية
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»