عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٨٥
صلى الله عليه وسلم، وكذا عن علقمة عن ابن مسعود قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجته طوافين وسعى سعيين، وأبو بكر وعمر وعلي، ورواه الدارقطني أيضا من حديث عمران بن حصين وضعفه، والله أعلم.
23 ((باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي قاله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم)) أي: هذا باب في بيان من أهل، أي: أحرم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار بهذا إلى جواز الإحرام على الإيهام ثم يصرفه المحرم لما شاء لكون ذلك وقع في زمنه صلى الله عليه وسلم ولم ينهه عن ذلك، وقيل: كان البخاري لما لم ير إحرام التقليد ولا الإحرام المطلق ثم يعين بعد ذلك أشار بهذه الترجمة بقوله: باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلاله، إلى أن هذا خاص بذلك الزمن، فليس لأحد أن يحرم ما أحرم به فلان، بل لا بد أن يعين العبادة التي يراها، ودعت الحاجة إلى الإطلاق والحوالة على إحرامه صلى الله عليه وسلم، لأن عليا وأبا موسى لم يكن عندهما أصل يرجعان إليه في كيفية الإحرام، فأحالا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأما الآن فقد استقرت الأحكام وعرفت مراتب كيفيات الإحرام. انتهى. قلت: هذا الذي قاله سلمناه في بعضه، ولا نسلم في قوله: كان البخاري لم ير إحرام التقليد ولا الإحرام المطلق، أشار بهذه الترجمة إلى هذا خاص بذلك الزمن، لأنه ذكر في الترجمة مطلقا. من أهل كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أين تأتي هذه الإشارة إلى ما ذكره؟ فالترجمة ساكتة عن ذلك ولا يعلم رأي البخاري في هذا الحكم ما هو؟ فافهم. قوله: (قال ابن عمر) أي: قال هذا المذكور الذي هو الترجمة عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما، ويشير به إلى ما أخرجه في: باب بعث علي، رضي الله تعالى عنه، إلى اليمن، في (كتاب المغازي) من طريق بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر، فذكر حديثا فيه: (فقدم علينا علي بن أبي طالب من اليمن حاجا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بم أهللت فإن معنا أهلك؟ فقال: أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم..) الحديث. وإنما قال له: (فإن معنا أهلك) لأن فاطمة، رضي الله تعالى عنها، كانت قد تمتعت بالعمرة وأحلت، كما بينه مسلم في حديث جابر، رضي الله تعالى عنه، وهو قوله: (وقدم علينا علي من اليمن ببدن النبي، صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة، رضي الله تعالى عنها، ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت إلى أن قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك. قال: فإن معي الهدي فلا تحل). وفي هذا دليل لمذهب الشافعي ومن وافقه، فإنه يصح الإحرام معلقا بأن ينوي إحراما كإحرام زيد، فيصير هذا المعلق كإحرام زيد، فإن كان زيد أحرم بحج كان هذا بحج أيضا، وإن كان بعمرة فبعمرة، وإن كان بهما فبهما، فإن كان زيد أحرم مطلقا صار هذا محرما وإحراما مطلقا، فيصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة ولا يلزمه موافقة زيد في الصرف، قاله النووي: وحكى الرافعي وجها أنه يلزمه موافقته في الصرف، والصواب الأول، ولا يجوز عند سائر العلماء والأئمة، رحمهم الله، الإحرام بالنية المبهمة. لقوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * (البقرة: 691). ولقوله: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33). ولأن هذا كان لعلي، رضي الله تعالى عنه، خصوصا، وكذا لأبي موسى الأشعري، وسيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى.
7551 حدثنا المكي بن إبراهيم عن ابن جريج قال عطاء قال جابر رضي الله تعالى عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه أن يقيم على إحرامه وذكر قول سراقة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقيم على إحرامه)، وذلك أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن والنبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وكان قد أرسله إلى اليمن قبل حجة الوداع، وكان علي أحرم كإحرام النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له: بم أهللت؟ فقال: بإهلالك يا رسول الله، فأمره أن يقيم على إحرامه ولا يحل لأنه كان معه هدي.
ذكر رجاله: وهم: أربعة: الأول: المكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد الحنظلي التميمي البلخي أبو السكن، وهو من جملة من روى عن أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه، مات سنة أربع عشر ومائتين ببلخ، وقد قارب مائة سنة، وقال الكرماني: هو المنسوب إلى مكة
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»