عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٨١
بضم الفاء وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة: ابن سليمان، واسمه: حنين، وفليح لقبه غلب عليه، مر في أول كتاب العلم. فإن قلت: أليس هذا بتكرار؟ قلت: لا، وإنما أورده لزيادة فيه على الحديث السابق، وهو الإدهان، وإنما كان يدهن بغير الطيب ليمنع بذلك القمل والدواب، وكان يجتنب ما له رائحة طيبة صيانة للإحرام.
03 ((باب التلبية إذا انحدر في الوادي)) أي: هذا باب في بيان التلبية إذا انحدر المحرم في الوادي، وقد ورد في الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين، وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود.
5551 حدثنا محمد بن المثنى قال حدثني ابن أبي عدي عن ابن عون عن مجاهد قال كنا عند ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فذكروا الدجال أنه قال مكتوب بين عينيه كافر فقال ابن عباس لم أسمعه ولكنه قال أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبى.
مطابقته للترجمة في قوله: (إذا انحدر في الوادي يلبي).
ذكر رجاله: وهم: خمسة: الأول: محمد بن المثنى بن عبيد، أبو موسى يعرف بالزمن العنبري. الثاني: محمد بن أبي عدي، بفتح العين المهملة وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف: واسم أبي عدي: إبراهيم، مات سنة أربع وتسعين ومائة. الثالث: عبد الله بن عون، بفتح العين المهملة والنون، مر في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رب مبلغ. الرابع: مجاهد. الخامس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن الرواة الثلاثة بصريون وأن مجاهدا مكي. وفيه: اثنان مذكوران بالإبن وواحد مجرد..
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن محمد بن المثنى، وفي أحاديث الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، عن بيان ابن عمرو. وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن المثنى به.
ذكر معناه: قوله: (أنه) بفتح الهمزة أي: أن الدجال. قوله: (مكتوب بين عينيه: كافر) في محل الرفع على أنه خبر: أن. وقوله: (كافر) مرفوع بقوله: مكتوب، واسم المفعول يعمل عمل فعله كاسم الفاعل. قوله: (ولكنه قال) أي: النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (كأني أنظر إليه) جواب: أما، والفاء فيه محذوفة، والأصل: فكأني، وهو حجة على النحاة حيث لم يجوزوا حذفها، كذا قالوا. قلت: يحتمل أن يكون حذف الفاء من الراوي. قوله: (إذا انحدر)، كذا وقع في الأصول بكلمة إذا، وحكى عياض أن بعض العلماء أنكر إثبات الألف وغلط رواته، وقال: وهو غلط منه إذ لا فرق بين إذا وإذ، هنا لأنه وصفه حالة انحداره فيما مضى. وقال المهلب: ذكر موسى، عليه السلام، هنا وهم من بعض رواته، لأنه لم يأت أثر ولا خبر أن موسى، عليه الصلاة والسلام، حي، وأنه سيحج، وإنما أتي ذلك عن عيسى، عليه الصلاة والسلام، فاشتبه على الراوي، ويدل عليه قوله في الحديث الآخر: (ليهلن ابن مريم بفج الروحاء) وأجيب عنه: بأنه سيأتي في اللباس بالإسناد المذكور وبزيادة: ذكر إبراهيم فيه: أفيقال إن الراوي غلط فيه فزاده؟ وقد روى مسلم هذا الحديث من طريق أبي العالية عن ابن عباس بلفظ: كأني أنظر إلى موسى هابطا من التثنية واضعا إصبعيه في أذنيه مارا بهذا الوادي وله جؤار إلى الله بالتلبية. وكذلك جاء ذكر يونس في هذا الحديث، أفيقال إن الراوي الآخر غلط فيه؟ وقال الكرماني في الرد: أما من روى إذ انحدر، بلفظ: إذ للماضي فيصح موسى بأن يراه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أو يوحى إليه بذلك، وسلم الغلط في رواية إذا، لأنه إخبار عما يكون في المستقبل. قلت: لو اطلع الكرماني على حقيقة الحديث لما قسم هذا التقسيم، فلا يحتاج إلى هذا التكليف، لأن الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، أحياء عند ربهم يرزقون. فلا مانع أن يحجوا في هذه الحال كما ثبت في (صحيح مسلم) من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم: رأى موسى قائما في قبره يصلي. فإن قلت: ما الداعي إلى عبادتهم بعد الموت وموضع العبادة دار الدنيا؟ قلت: حببت إليهم العبادة فهم متعبدون بما يجدونه بما يجدونه من دواني أنفسهم لا بما يلزمون به، وذلك كما يلهم أهل الجاهلية الذكر، ويؤيده أن أعمال الآخرة ذكر ودعاء. كقوله تعالى: * (دعواهم فيها سبحانك اللهم...) * (يونس: 01). الآية، ويجوز
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»