عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٣٦
الميم وكسر الراء: أي مخصبا ناجعا من: مرع الوادي مراعة، ويروى بضم الميم من أمرع المكان إذا أخصب، ويروى بالباء الموحدة من: أربع الغيث إذا أنبت الربيع، ويروى بالتاء المثناة من فوق أي: ينبت لله فيه ما ترتع فيه المواشي. ومنها: حديث أبي أمامة، رضي الله تعالى عنه، رواه الطبراني من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم (عن أبي أمامة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ضحى. فكبر ثلاث تكبيرات ثم قال: اللهم اسقنا، ثلاثا، اللهم ارزقنا سمنا ولبنا وشحما ولحما، وما نرى في السماء سحابا، فثارت ريح وغيرة ثم اجتمع سحاب فصبت السماء، فصاح أهل الأسواق وثاروا إلى سقائف المسجد إلى بيوتهم..) الحديث. ومنها: حديث عبد الله بن جراد رواه البيهقي في (سننه) من رواية يعلى قال: (حدثنا عبد الله ابن جراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: اللهم غيثا مغيثا مريئا توسع به لعبادك تغزر به الضرع وتحيي به الزرع). ومنها: حديث عبد الله بن عمر رواه أبو داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك واحيي بلدك الميت). ومنها: حديث عمير مولى أبي اللحم رواه أبو داود من رواية ابن الهاد: عن محمد بن إبراهيم (عن عمير مولى أبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت). ومنها: حديث أبي الدرداء رواه البزار والطبراني عنه، قال: (قحط المطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لنا فاستسقى..) الحديث. ومنها: حديث أبي لبابة رواه الطبراني في (الصغير) من رواية عبد الله بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: (استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو لبابة بن عبد المنذر: إن التمر في المرابد يا رسول الله، فقال: اللهم إسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا ويسد مثقب مربده بإزاره، وما نرى في السماء سحابا فأمطرت، فاجتمعوا إلى أبي لبابة فقالوا: إنها لن تقلع حتى تقوم عريانا وتسد مثقب مربدك بإزارك، ففعل فأصحت). ومنها: حديث ابن عباس رواه أبو عوانة أنه قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل، فصعد المنبر، فحمد الله ثم قال: اللهم اسقنا..) الحديث. ومنها: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه رواه أبو عوانة أيضا: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل واديا لا ماء فيه، وسبقه المشركون إلى الماء، فقال بعض المنافقين: لو كان نبيا لاستسقى لقومه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبسط يديه وقال: اللهم جللنا سحابا كثيفا قصيفا دلوتا مخلوفا زبرحاء تمطرنا منه رذاذا قطقطا سجلا بعاقا يا ذا الجلال والإكرام، فما رد يديه من دعائه حتى أظلتنا السحاب التي وصف). وعنده أيضا: عن عامر بن خارجة بن سعد عن جده (أن قوما شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قحط المطر، فقال: إجثوا على الركب، ثم قولوا: يا رب يا رب، قال: ففعلوا فسقوا حتى أحبوا أن ينكشف عنهم).
ومنها: حديث السفا رواه الطبراني في (الكبير) من رواية خالد بن إلياس عن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن الشفاء بنت خلف (أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة في المسجد ورفع يديه وقال: إستغفروا ربكم إنه كان غفارا، وحول رداءه). وخالد بن إلياس ضعيف، ومن حديث الواقدي عن مشايخه قال: (قدم وفد بني مرة بن قيس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فشكو إليه السنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اسقهم الغيث..) الحديث. وقال الواقدي: ولما قدم وفد سلامان سنة عشر فشكوا إليه الجدب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه: اللهم إسقهم الغيث في دارهم..) الحديث. وفي (دلائل النبوة) للبيهقي (عن أبي وجرة: أتى وفد فزارة بعد تبوك فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة، فصعد المنبر ورفع يديه وكان لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء، قال: فوالله ما رأوا الشمس سبتا، فقام الرجل الذي سأل الاستسقاء. فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل..) الحديث. وفي (سنن سعيد بن منصور) بسند جيد إلى الشعبي قال: (خرج عمر، رضي الله تعالى عنه، يستسقي فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: ما رأيناك استسقيت، فقال: لقد طلبت الغيث بمجاريح السماء الذي يستنزل به المطر، ثم قرأ: * (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) * (هود: 3، 25 و 09). الآية.. وفي (مراسيل أبي داود) من حديث شريك: (عن عطاء بن يسار أن رجلا من نجد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أجدبنا وهلكنا فادع الله، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم...) الحديث.
فهذه الأحاديث والآثار كلها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء استغفار ودعاء، وأجيب عن الأحاديث التي فيها الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم فعلها مرة وتركها أخرى، وذا لا يدل على السنة، وإنما يدل على الجواز.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»