عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٣١
9001 وقال عمر بن حمزة حدثنا سالم عن أبيه ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب * وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل * وهو قول أبي طالب.
(أنظر الحديث 8001).
مناسبة هذا التعليق للترجمة تؤخذ من قوله: (يستسقى) لأن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، يخبر عن استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ينظر إلى وجهه الكريم، ولم يكن استسقاؤه في ذلك إلا عن سؤال عنه صلى الله عليه وسلم، ويوضح ذلك ما رواه البيهي في (الدلائل) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم حدثنا جعفر بن عنبسة حدثنا عبادة ابن زياد الأزدي عن سعيد بن خيثم عن مسلم الملائي عن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه، قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، والله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يغط، ثم أنشد:
* أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل * * وألقى بكفيه الصبي استكانة * من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلى * * ولا شيء مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العاهي والعلهز الفسل * * وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل؟
* فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهم اسقنا..) الحديث، وفيه: (فجاء أهل البطانة يصيحون: الغرق الغرق، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حاضرا لقرت عيناه، من ينشدنا شعره؟ فقال علي: يا رسول الله كأنك أردت قوله:
* وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * فذكر أبياتا منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل، فقام رجل من بني كنانة فأنشد أبياتا:
* لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر * * دعا الله خالقه دعوة * وأشخص معها إليه البصر * * فلم يك إلا كالف الردا * وأسرع حتى رأينا الدرر * فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن يكن شاعر أحسن فقد أحسنت). ثم هذا التعليق الذي أورده البخاري عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، رواه ابن ماجة موصولا في (سننه): حدثنا أحمد بن الأزهر عن ابن النضر هاشم بن القاسم عن أبي عقيل، يعني عبيد الله بن عقيل الثقفي، حدثنا عمر بن حمزة حدثنا سالم عن أبيه، قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على المنبر، فما نزل حتى جيش كل ميزاب بالمدينة، فذكر قول الشاعر:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه إلى آخره، وعمر بن حمزة هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ابن أخي سالم بن عبد الله ابن عمر، أخرج له البخاري في (الأدب) أيضا، وتكلم فيه أحمد والنسائي، ووثقه ابن حبان، وقال: كان يخطئ. وقال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه، وروى له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. فإن قلت: عمر بن حمزة هذا متكلم فيه، وكذلك عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار مختلف في الاحتجاج به، المذكور في الطريق الموصولة، فكيف أوردهما البخاري في (صحيحه)؟ قلت: أجيب بأن إحدى الطريقين اعتضدت بالأخرى، وهو من أمثلة أحد قسمي (الصحيح) كما تقرر في موضعه، وفيه نظر، لا يخفى. قوله: (وأنا أنظر) جملة اسمية وقعت حالا. قوله: (يستسقى)، جملة فعلية وقعت حالا، كذلك. قوله: (حتى يجيش) بالجيم والشين المعجمة، من: جاش البحر إذا هاج، وجاش القدر جيشانا إذا غلت، وجاش الوادي إذا زهر وامتد جدا، وجاش الشيء إذا تحرك، وهو هنا كناية عن كثرة المطر، و (الميزاب) بكسر الميم وبالزاي معروف، وهو ما يسيل منه الماء من موضع عال، ووقع في رواية الحموي: (حتى يجيش لك)، بتقديم اللام على الكاف، وهو تصحيف.
قوله: (يئط) أي: يحن، ويصيح، يريد: ما لنا
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»