عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٣٨
وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل رجل من ذالك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر. قال فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت أنسا أهو الرجل الأول قال لا أدري.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب)، وفي قوله: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال اللهم اسقنا) ففي الأول: ذكر الجامع، وفي الثاني: استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم فيه وهو على المنبر.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: محمد بن سلام البخاري البيكندي. الثاني: أبو ضمرة، بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وبالراء: وهو أنس بن عياض، بكسر العين المهملة، مر في: باب التبرز في البيوت. الثالث: شريك بن عبد الله بن أبي نمر، بفتح النون وكسر الميم، مر في: باب القراءة على المحدث. الرابع: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين والإخبار كذلك في موضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخه من أفراده. وفيه: أنه مذكور بغير نسبة. وفيه: من هو مذكور بكنيته وباسمه، وهو من الرباعيات.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الاستسقاء: عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر وعن القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن يوسف، فرقهم، ثلاثتهم عن مالك. وأخرجه مسلم في الاستسقاء عن يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر، أربعتهم عن إسماعيل بن جعفر. وأخرجه أبو داود فيه عن عيسى ابن حماد عن الليث عن سعيد. وأخرجه النسائي فيه أيضا عن عيسى بن حماد وعن علي بن حجر به وعن قتيبة عن مالك به.
ذكر معناه: قوله: (أن رجلا)، لم يدر اسمه. قيل: روى الإمام أحمد من حديث كعب بن مرة ما يمكن أن يفسر هذا المبهم بأنه: كعب، المذكور قلت: حديث كعب بن مرة رواه ابن ماجة، وقد ذكرناه عن قريب، فانظر فيه هل ترى ما قاله مما يمكن من حيث التركيب؟ فإن أراد الإمكان العقلي فلا دخل له ههنا، وقيل: إنه أبو سفيان بن حرب. قلت: هذا غير صحيح لأن قوله في الحديث: (فقال: يا رسول الله) يدل على أن السائل كان مسلما، وأبو سفيان إذ ذاك لم يكن مسلما. قوله: (وجاء المنبر)، بكسر الواو وضمها أي: مواجهه. وقال صاحب (التلويح) ناقلا عن ابن التين، وجاه المنبر يعني مستدبر القبلة، ثم قال: إن كان يريد بالمستدبر المنبر، فصحيح، ولكن لا معنى لذكره، وإن كان أراد الباب فلا يتجه لباب يواجه المنبر أن يستدبر القبلة، ووقع في رواية إسماعيل بن جعفر: من باب كان نحو دار القضاء، وهي دار عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وسميت: دار القضاء، لأنها بيعت في قضاء دينه فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم لما طال ذلك قيل لها: دار القضاء، وقد صارت إلى مروان بعد ذلك وهو أمير المدينة. وقال عياض: كان أمير المؤمنين أنفق من بيت المال وكتبه على نفسه، وأوصى ابنه عبد الله أن يباع فيه ماله، فإن عجز ماله استعان ببني عدي ثم بقريش، فباع عبد الله هذه الدار لمعاوية، رضي الله تعالى عنه، وقضى دينه، وكان: ثمانية وعشرين ألفا، انتهى. وفي قوله: ثمانية وعشرين ألفا، غرابة، والذي في (الصحيح) وغيره من كتب المؤرخين: كان ستة وثمانين ألفا. قوله: (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم)، جملة اسمية وقعت حالا. وقوله: (يخطب)، جملة فعلية حالية أيضا، أما حال مترادفة أو متداخلة. قوله: (هلكت المواشي)، هكذا هو في رواية كريمة وأبي ذر جميعا عن الكشميهني، وفي رواية غيرهم: (هلكت الأموال)، والمراد بالأموال: المواشي أيضا لا الصامت، وتقدم في كتاب الجمعة بلفظ: (قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال)، قيل: وقد تقدم في كتاب الجمعة بلفظ: (هلك الكراع)، وهو بضم الكاف: يطلق على الخيل وغيرها، وفي رواية يحيى بن سعيد
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»