عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٧٨
موضعين. وفيه: أن رواته كلهم كوفيون، وجرير أصله من الكوفة. وفيه: أنه ذركر شيخه بلا نسبة لشهرته، وقد ذكرنا تعدد موضعه ومن أخرجه غيره.
ذكر معناه: قوله: (ونسك نسكنا)، يقال: نسك ينسك من باب: نصر ينصر، نسكا بفتح النون: إذا ذبح، والنسيكة الذبيحة، وجمعها: نسك، ومعنى: (من نسك نسكنا) أن من ضحى مثل ضحيتنا. وفي (المحكم): نسك، بضم السين عن اللحياني، والنسك العبادة، وقيل لثعلب: هل يسمى الصوم نسكا؟ فقال: كل حق لله عز وجل يسمى نسكا، والمنسك والمنسك شرعة النسك، ورجل ناسك أي: عابد، وتنسك: إذا تعبد. قوله: (فإنه) أي: النسك، حاصل المعنى أن من نسك قبل الصلاة فلا اعتداد بنسكه، ولفظ: (ولا نسك له) كالتوضيح والبيان له. قوله: (أبو بردة)، بضم الباء الموحدة وسكون الراء: واسمه هانىء، بالنون ثم بالهمز: ابن عمرو بن عبيد البلوي المدني، وقيل: اسمه الحارث بن عمرو، ويقال: مالك بن هبيرة، والأول أصح، ونيار، بكسر النون وتخفيف الياء آخر الحروف وبعد الألف راء. قوله: (أول شاة) بالإضافة، ويروى بدون الإضافة مفتوحا ومضموما. أما الضم فلأنه من الظروف المقطوعة عن الإضافة، نحو: قبل وبعد، وأما الفتح فلأنه من المضاف إلى الجملة، فيجوز أن يقال: إنه مبني على الفتح، أو: إنه منصوب، وعلى التقديرين هو خبر الكون. قوله: (شاتك شاة لحم)، أي: ليست أضحية ولا ثواب فيها، بل هي لحم لك تنتفع به. قيل: هو كقولهم: خاتم فضة، كأن الشاة شاتان شاة تذبح لأجل اللحم، وشاء تذبح لأجل التقرب إلى الله تعالى. قوله: (لنا جذعة)، هما صفتان للعناق، ولا يقال: عناقة، لأنه موضوع للأنثى من ولد المعز، فلا حاجة إلى التاء الفارقة بين المذكر والمؤنث. وقال ابن سيده: الجمع عنوق وأعنق، وعن ابن دريد: وعنق. قوله: (أحب إلي من شاتين) يعني: من جهة طيب لحمها وسمنها وكثرة قيمتها. قوله: (أفتجرىء؟) الهمزة فيه للاستفهام. قوله: (ولن تجزي) قال النووي: هو بفتح التاء، هكذا الرواية فيه في جميع الكتب، ومعناه: لن تكفي كقوله تعالى: * (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) *. (البقرة: 48، 23). * (ولا يجزي والد عن ولده) * (لقمان: 33). وفي (التوضيح): هو من جزى يجزي بمعنى: قضى، وأجزى يجزى بمعنى: كفى. قوله: (بعدك) أي: غيرك، وذلك لأنه لا بد في تضحية المعز من الثني وهذا من خصائص أبي بردة، كما أن قيام شهادة خزيمة، رضي الله تعالى عنه، مقام شهادتين من خصائص خزيمة، ومثله كثير.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: أن الخطبة يوم العيد بعد الصلاة. وفيه: أن يوم النحر يوم أكل إلا أنه لا يستحب فيه الأكل قبل المضي إلى الصلاة. قال ابن بطال: ولا ينهى عنه، وأنه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يحسن أكل البراء ولا عنفه عليه، وإنما أجابه عما به الحاجة إليه من سنة الذبح، وعذره في الذبح لما قصده من إطعام جيرانه لحاجتهم وفقرهم، ولم ير صلى الله عليه وسلم أن يخيب فعلته الكريمة، فأجاز له أن يضحي بالجذعة من المعز، وقد مرت بقية الكلام فيما مضى عن قريب.
6 ((باب الخروج إلى المصلى بغير منبر)) أي: هذا باب في بيان خروج الإمام إلى مصلى صلاة العيد بغير منبر أراد أن يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الجبانة يوم عيد الأضحى والفطر لأجل الصلاة وكان يخطب قائما بغير منبر وذلك لأجل تواضعه صلى الله عليه وسلم.
956 حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر قال أخبرني زيد عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف. قال أبو سعيد فلم يزل (الناس على ذالك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر فلما أتينا المصلى اذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»