عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٧٤
وهو قد صلى. قلت: قال ابن بطال: غلط النسائي في ذلك لأن العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي، فكأنه قال صلى الله عليه وسلم: أول ما يكون الابتداء به في هذا اليوم الصلاة التي قدمنا فعلها، وبدأنا بها، وهو مثل قوله تعالى: * (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله) * (البروج: 8). المعنى إلا الإيمان المتقدم منهم، وقد بين ذلك في: باب استقبال الإمام للناس في خطبة العيد، فقال: إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، وللنسائي: (خطب يوم النحر بعد الصلاة).
الوجه الثالث: أن النحر بعد الفراغ من الصلاة، وسيجئ الكلام فيه فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
952 حدثنا عبيد بن إسماعيل قال حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أبمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذالك في يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهاذا عيدنا..
مطابقته للترجمة المروية عن الحموي غير ظاهرة، اللهم إلا إذا قلنا بالتكلف، بأن قوله صلى الله عليه وسلم: (وهذا عيدنا)، تقرير منه لما وقع من الجاريتين في هذا اليوم الذي هو يوم السرور والفرح، وتقريره رضاه بذلك، والرضى منه صلى الله عليه وسلم يقوم مقام الدعاء. وأما مطابقته للترجمة المروية عن الأكثرين فلا تتأتى إلا إذا حملنا لفظ السنة على معناها اللغوي، وبهذا المقدار يستأنس به وجه المطابقة. وفيه الكفاية، وحديث عائشة هذا قد مضى الكلام فيه في باب الحراب والدرق يوم العيد، لأنه أخرجه هناك عن أحمد بن عيسى عن ابن وهب عن عمرو عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة، وهنا أخرجه: عن عبيد بن إسماعيل الهباري القرشي الكوفي، وهو من أفراد البخاري يروي عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عائشة، ومن زوائده على ذاك قوله: (وليستا بمغنيتين) أي: ليس الغناء عادة لهما ولا هما معروفتان به. وقال القاضي عياض: أي: ليستا ممن تغني بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبب بأهل الجمال وما يحرك النفوس كما قيل: الغناء رقية الزنا وليستا أيضا ممن اشتهر بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير، وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذه صنعة وكسبا. وقال الخطابي: هي التي اتخذت الغناء صناعة، وذلك مما لا يليق بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الترنم بالبيت والبيتين وتطريب الصوت بذلك مما ليس فيه فحش أو ذكر محظور فليس مما يسقط المروءة، وحكم اليسير منه خلاف حكم الكثير. قوله: (أبمزامير؟) ويروى: (أمزامير؟) بدون الباء أي: أتلتبسون أو تشتغلون بها، وهو جمع: مزمور، وقد مر معناه مستقصى. قوله: (وهذا عيدنا) يريد به أن إظهار السرور في العيدين من شعائر الدين وإعلاء أمره. قاله الخطابي: قيل: وفيه دليل على أن العيد موضوع للراحات وبسط النفوس والأكل والشرب والجماع، ألا ترى أنه أباح الغناء من أجل عذر العيد؟ / 4 ((باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج)) أي: هذا باب في بيان حكم الأكل يوم عيد الفطر قبل الخروج إلى المصلى لأجل صلاة العيد.
953 حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا هشيم قال أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: محمد بن عبد الرحيم المشهور بالصاعقة، وقد تقدم. الثاني: سعيد بن سليمان الملقب بسعدويه، وقد تقدم. الثالث: هشيم، بضم الهاء: ابن بشير، بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة: ابن القاسم ابن دينار السلمي الواسطي. الرابع: عبيد الله بالتصغير ابن أبي بكر بن أنس. الخامس: جده أنس بن مالك.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»