عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٣٨
(مطرنا بنوء المجدح)، بكسر الميم وسكون الجيم وفتح الدال بعدها حاء مهملة. ويقال: بضم أوله، وهو: الدبران، بفتح الدال المهملة وفتح الباء الموحدة بعدها راء، سمي بذلك لاستدباره الثريا، وهو نجم أحمر منير. وقال ابن قتيبة: كل النجوم المذكورة لها نوء، وغير أن بعضها أحمر وأغزر من غيره، ونوء الدبران غير محمود عندهم.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: طرح الإمام المسألة على أصحابه تنبيها لهم أن يتأملوا ما فيها من الدقة. وفيه: أن الله تعالى خلق لكل شيء سببا يضاف إليه، حكم، وفي الحقيقة الفاعل هو الله تعالى القادر على كل شيء. وفيه: أن الناس في الاعتقاد في هذا الباب على نوعين، كما قد بيناه. وفيه: بيان جلالة قدر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن الله عز وجل بلا واسطة.
847 حدثنا عبد الله سمع يزيد قال أخبرنا حميد عن أنس قال أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل ثم خرج علينا فلما صلى أقبل علينا بوجهه فقال إن الناس قد صلوا ورقدوا وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة..
مطابقته للترجمة في قوله: (فلما صلى أقبل علينا بوجهه). ورجاله قد مضوا فيما مضى، وعبد الله بن المنير، بضم الميم وكسر النون قد مر في: باب الغسل والوضوء في المخضب، وفي بعض النسخ: منير، بدون الألف واللام، لأن الاسم إذا كان في الأصل صفة يجوز فيه الوجهان. وقد مر هذا الحديث في: باب وقت العشاء إلى نصف الليل، أخرجه عن عبد الرحيم المحاربي عن زائدة عن حميد عن أنس، رضي الله تعالى عنه. قوله: (ذات ليلة) لفظ: ذات، مقحم، أو هو من باب إضافة المسمى إلى اسمه، والألف واللام في: الناس، للعهد على غير الحاضرين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (في صلاة) أي: في ثوابها. قوله: (ما انتظرتم) أي: مدة انتظار الصلاة. والمعنى: أن الرجل إذا انتظر الصلاة فكأنه في نفس الصلاة.
157 ((باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام)) أي: هذا باب في بيان مكث الإمام، أي: تأخره في مصلاه، أي: في موضعه الذي صلى فيه الفرض بعد السلام، أي: بعد فراغه من الصلاة بالسلام، ثم المكث أعم من أن يكون بذكر أو دعاء أو تعليم علم للجماعة أو لواحد منهم أو صلاة نافلة. ولم يبين البخاري حكم هذا المكث: هل هو مستحب أو مكروه؟ لأجل الاختلاف بين السلف على ما نبينه، إن شاء الله تعالى.
848 وقال لنا آدم حدثنا شعبة عن أيوب عن نافع قال كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى في الفريضة قال الكرماني: قال لنا آدم، ولم يقل: حدثنا آدم، لأنه لم يذكره لهم نقلا وتحميلا، بل مذاكرة ومحاورة، ومرتبته أحط درجة من مرتبة التحديث. وقال بعضهم: هو محتمل لكنه ليس بمطرد، لأني وجدت كثيرا مما قال فيه: قال لنا، في (الصحيح) قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة: حدثنا. انتهى. قلت: الصواب ما ذكره الكرماني، أنه من باب المذاكرة، وهكذا قال صاحب (التوضيح): إنه من باب المذاكرة، والكرماني ما ادعى الاطراد فيه حتى يكون هذا محتملا، بل الظاهر منه أنه غير موصول ولا مسند، ولا يلزم من قوله: لأني وجدت كثيرا.. إلى آخره، أن يكون قد أسند أثر ابن عمر هذا في تصنيف آخر غيره بصيغة التحديث، ولهذا قال صاحب (التلويح): هذا التعليق أسنده ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي سبحته مكانه.
وقد اختلف العلماء في هذا الباب، فأكثرهم، كما نقله ابن بطال عنهم، على كراهة مكث الإمام إذا كان إماما راتبا، إلا إن يكون مكثه لعلة، كما فعله الشارع. قال: وهو قول الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: كل صلاة يتنفل بعدها يقوم، وما لا يتنفل بعدها كالعصر والصبح فهو مخير، وهو قول أبي مجلز: لاحق بن أبي حميد. وقال أبو محمد من المالكية: ينتقل في الصلوات كلها ليتحقق المأموم أنه لم يبق عليه شيء من سجود السهو ولا غيره، وحكى الشيخ قطب الدين الحلبي في (شرحه) هكذا: عن محمد بن الحسن، وذكره ابن التين أيضا، وذكر ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وعائشة،
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»