عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٠٣
قلابة عن أنس قال ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصاري فامر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة..
مطابقته للترجمة من حيث إن بدء الأذان كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا، لأنهم كانوا يصلون قبل ذلك في أوقات الصلوات بالمناداة في الطرق: الصلاة الصلاة، والدليل عليه حديث أنس أيضا، رواه أبو الشيخ ابن حبان في (كتاب الأذان) تأليفه، من حديث عطاء بن أبي ميمونة عن خالد عن أبي قلابة: (عن أنس، رضي الله تعالى عنه، كانت الصلاة إذا حضرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى رجل في الطريق فينادي: الصلاة الصلاة، فاشتد ذلك على الناس، فقالوا: لو اتخذنا ناقوسا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقا! فقال: ذاك لليهود، فقالوا: لو رفعنا نارا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك للمجوس. فأمر بلال....) الحديث، وعند الطبراني من هذا الطريق: (فأمر بلالا). فإن قلت: قد أخرج الترمذي في ترجمة بدء الأذان حديث عبد الله بن يزيد مع حديث عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنه، فلم اختار البخاري فيه حديث أنس؟ قلت: لأنه لم يكن على شرطه.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: عمران بن ميسرة ضد الميمنة وقد تقدم. الثاني: عبد الوارث ابن سعيد التنوري. الثالث: خالد الحذاء. الرابع: أبو قلابة، بكسر القاف: عبد الله بن زيد الجرمي. الخامس: أنس بن مالك.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: أن رواته بصريون.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه: أخرجه البخاري أيضا في ذكر بني إسرائيل عن عمران بن ميسرة، وعن محمد بن سلام، وعن علي بن عبد الله، وعن سليمان بن حرب، وأخرجه مسلم في الصلاة عن خلف بن هشام، وعن يحيى بن يحيى وعن إسحاق بن إبراهيم، وعن محمد بن حاتم، وعن عبيد الله بن عمر. وأخرجه أبو داود فيه عن سليمان بن حرب وعبد الرحمن ابن المبارك، وعن موسى ابن إسماعيل، وعن حميد بن مسعدة، وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة عن عبد الوهاب ويزيد بن زريع. وأخرجه النسائي أيضا عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجة فيه عن عبد الله بن الجراح، وعن نصر بن علي.
ذكر معناه: قوله: (والناقوس)، وهو الذي يضربه النصارى لأوقات الصلاة. وقال ابن سيده: النقس: ضرب من النواقيس، وهو الخشبة الطويلة والوبيلة القصيرة. وقال الجواليقي: ينظر فيه هل هو معرب أو عربي؟ وهو على وزن: فاعول، قال ابن الأعرابي: لم يأت في الكلام: فاعول، لام الكلمة فيه: سين إلا الناقوس. وذكر ألفاظا أخر على هذا الوزن، ولم يذكر فيها الناقوس، والظاهر أنه معرب. قوله: (فذكروا اليهود والنصارى)، وعبد الوارث اختصر هذا الحديث، وفي رواية روح بن عطاء عن خالد عن أبي الشيخ، ولفظه: (فقالوا: لو اتخذنا ناقوسا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقا، فقال: ذاك لليهود، فقالوا: لو رفعنا نارا! فقال: ذاك للمجوس)، فعلى هذا كأنه كان في رواية عبد الوارث: وذكروا النار والناقوس والبوق، فذكروا اليهود والنصارى والمجوس، فهذا لف ونشر غير مرتب، لأن الناقوس للنصارى، والبوق لليهود، والنار للمجوس. قوله: (فأمر بلال) أمر بضم الهمزة على صيغة المجهول، وهذه الصيغة يحتمل أن يكون الآمر فيها غير الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه خلاف عند الأصوليين كما عرف في موضعه. وقال الكرماني: والصواب وعليه الأكثر: أنه مرفوع لأن إطلاق مثله ينصرف عرفا إلى صاحب الأمر والنهي. وهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: مقصود من هذا الكلام تقوية مذهبه، وقوى بعضهم هذا بقوله: وقد وقع في رواية روح عن عطاء: فأمر بلالا، بالنصب، وفاعل: أمر، هو النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: روى البيهقي في (سننه الكبير) من حديث ابن المبارك: عن يونس عن الزهري عن سعيد عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه. وأبو عوانة في (صحيحه) من حديث الشعبي: عنه، ولفظه: (أذن مثنى وأقام مثنى). وحديث أبي محذورة عند الترمذي مصححا: (علمه الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى). وحديث أبي جحيفة: أن بلالا، رضي الله تعالى عنه، (كان يؤذن مثنى مثنى). وروى الطحاوي من حديث وكيع: عن إبراهيم ابن إسماعيل عن مجمع بن حارثة عن عبيد، مولى سلمة بن الأكوع كان (يثني الآذان والإقامة).
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»