عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٤
بالناس)، إذ كان فيهم من هو أقرأ منه للقرآن مثل: أبي، وغيره وهو أولى قلت: حديث أبي مسعود كان في أول الهجرة وحديث أبي بكر في آخر الأمر، وقد تفقهوا في القرآن، وكان أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، أعلمهم وأفقههم في كل أمره، وقال أصحابنا: فإن تساووا في العلم والقراءة فأولاهم أورعهم. وفي (البدرية): الورع الاجتناب عن الشبهات، والتقوى الاجتناب عن المحرمات، فإن تساووا في القراءة والعلم والورع فأسنهم أولى بالإمامة لقوله صلى الله عليه وسلم: (وليؤمكما أكبركما)، وفي (المحيط): الأسن أولى من الأورع إذا لم يكن فيه فسق ظاهر. وقال النووي: المراد بالسن سن مضى في الإسلام، فلا يقدم شيخ أسلم قريبا على شاب نشأ في الإسلام، أو أسلم قبله. قال أصحابنا: فإن تساووا في السن فأحسنهم خلقا، وزاد بعضهم: فإن تساووا فأحسنهم وجها. وفي (مختصر الجواهر): يرجح بالفضائل الشرعية والخلقية والمكانية وكمال الصورة، كالشرف في النسب والسن، ويلتحق بذلك حسن اللباس. وقيل: وبصباحة الوجه وحسن الخلق وبملك رقبة المكان أو منفعته. قال المرغيناني: المستأجر أولى من المالك، وفي (الخلاصة): فإن تساووا في هذه الخصال يقرع، أو الخيار إلى القوم. وقيل: إمامة المقيم أولى من العكس، وقال أبو الفضل الكرماني: هما سواء، وللشافعي قولان في القديم: تقديم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن، وهو الأصح. والقول الثاني: يقدم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة، وفي تتمتهم: ثم بعد الكبر والشرف تقدم نظافة الثوب، والمراد به النظافة عن الوسخ لا عن النجاسات، لأن الصلاة مع النجاسات لا تصح، ثم بعد ذلك حسن الصوت، لأنه به تميل الناس إلى الصلاة خلفه فتكثر الجماعة، ثم حسن الصورة.
679 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه مروا أبا بكر فليصلي بالناس قالت عائشة قلت إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس فقالت عائشة فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل للناس فقالت حفصة لعائشة ما كنت لأصيب منك خيرا.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد مروا غير مرة.
قوله: (عن عائشة)، رواه حماد عن مالك موصولا، وهو في أكثر نسخ (الموطأ) مرسلا ليس فيه عائشة. وأخرجه البخاري أيضا في الاعتصام. وأخرجه الترمذي في المناقب عن إسحاق ابن موسى عن معن. وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن سلمة عن ابن القاسم.
قوله: (فليصل بالناس)، ويروى: (للناس)، وهي رواية الكشميهني، ويروى: (فليصلي)، بالياء. قوله: (إنكن) ويروى: (فإنكن)، أي: إن هذا الجنس هن اللاتي شوشن على يوسف، عليه الصلاة والسلام، وكدرنه وأوقعنه في الملامة: فجمع باعتبار الجنس، أو لأن أقل الجمع عند طائفة اثنان.
71 - (حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أنس بن مالك الأنصاري وكان تبع النبي وخدمه وصحبه أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف ثم تبسم يضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي فنكص أبو بكر على عقبيه
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»