عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٥
ليصل الصف وظن أن النبي خارج إلى الصلاة فأشار إلينا النبي أن أتموا صلاتكم وأرخى الستر فتوفي من يومه ) مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله ' إن أبا بكر كان يصلي بهم ' * ورجاله تقدموا وأبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي وشعيب ابن أبي حمزة والزهري محمد بن مسلم بن شهاب قوله ' تبع النبي ' ما ذكر المتبوع فيه ليشعر بالعموم أي تبعه في العقائد والأقوال والأفعال والأخلاق قوله ' وخدمه ' أي وخدم النبي إنما ذكر خدمته لبيان زيادة شرفه وهو كان خادما له عشر سنين ليلا ونهارا وذكر صحبته معه لأن الصحبة معه أفضل أحوال المؤمنين وأعلى مقاماتهم قوله ' يوم الاثنين ' بالنصب أي كان الزمان يوم الاثنين ويجوز أن تكون كان تامة ويكون يوم الاثنين مرفوعا قوله ' وهم صفوف ' جملة اسمية وقعت حالا وكذا قوله ' ينظر ' جملة وقعت حالا ويروى ' فنظر ' قوله ' كأن وجهه ورقة مصحف ' الورقة بفتح الراء والمصحف مثلثة الميم ووجه التشبيه عبارة عن الجمال البارع وحسن الوجه وصفاء البشرة قوله ' يضحك ' جملة وقعت حالا تقديره فتبسم ضاحكا وسبب تبسمه فرحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتفاق كلمتهم وإقامتهم شريعته ولهذا استنار وجهه ويروى ' فضحك ' بفاء العطف قوله ' فهممنا ' أي قصدنا قوله ' فنكص أبو بكر ' أي رجع قوله ' ليصل الصف ' من الوصول لا من الوصل قوله ' الصف ' منصوب بنزع الخافض أي إلى الصف قوله ' فتوفي من يومه ' ويروى ' وتوفي ' بالواو * - 681 حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا عبد العزيز عن أنس قال لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر فتقدم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب فرفعه فلما وضح وجه النبي صلى الله عليه وسلمما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النبي صلى الله عليه وسلم حين وضح لنا فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي بكر أن يتقدم وأرخى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات.
مطابقته للترجمة في قوله: (فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي بكر) لأن إشارته إليه بالتقدم أمر له بالصلاة للقوم على سبيل الخلافة، ولم يوم إليه إلا لكونه أعلمهم وأفضلهم.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، وأبو معمر، بفتح الميمين: عبد الله بن عمرو المنقري المقعد البصري، وعبد الوارث بن سعيد وعبد العزيز بن صهيب، والرواة كلهم بصريون.
وأخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن أبي موسى وهارون الجمال، كلاهما عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه به.
قوله: (ثلاثا)، أي: ثلاثة أيام، وقد قلنا غير مرة: إن المميز إذا لم يكن مذكورا جاز في لفظ العدد التاء وعدمه، وكان ابتداء الثلاث من حين خرج، صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم قاعدا. قوله: (فذهب أبو بكر فتقدم)، ويروى: (يتقدم)، بياء المضارعة وموقعها حال، أي: فذهب متقدما. قوله: (فقال)، أي: نبي الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب، أي: أخذ الحجاب فرفعه. وإجراء لفظ: قال، بمعنى: فعل، شائع في كلام العرب. قوله: (فلما وضح) أي: فلما ظهر وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن التين: أي: ظهر لنا بياضه وحسنه، لأن الوضاح، عند العرب هو: الأبيض اللون لحسنه. قوله: (ما رأينا)، وفي رواية الكشميهني: (ما نظرنا). قوله: (أن يتقدم)، كلمة: أن، مصدرية أي: فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، بالتقدم إلى الصلاة ليصلي بهم. (فلم يقدر عليه)، أي: على المشي، ويقدر بضم الياء وفتح الدال بلفظ المفرد الغائب على صيغة المجهول، ويروى: (فلم نقدر)، بفتح النون وكسر الدال: بلفظ المتكلم، قاله الكرماني.
ومما يستفاد منه: أن أبا بكر، رضي الله تعالى عنه، كان خليفته في الصلاة، إلى موته، صلى الله عليه وسلم،
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»