عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
عرضت له حاجة يتقيد به القوم جميعا، ومع هذا فقد أشار إلى بيان عموم الحكم بالباب الذي بعده، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر رجاله: وهم أربعة قد ذكروا، وأبو معمر بفتح الميمين، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد العزيز بن صهيب، بضم الصاد المهملة وفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته كلهم بصريون. قوله: (عن أنس) وفي رواية لمسلم: (سمع أنسا).
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن شيبان بن فروخ، وأبو داود عن مسدد.
ذكر معناه: قوله: (أقيمت الصلاة)، وكانت صلاة العشاء، بينه حماد بن ثابت عن أنس عن مسلم، ودلت القرينة أيضا أنها كانت صلاة العشاء، وهي قوله: (حتى نام القوم) قوله (والنبي)، مبتدأ وخبره، قوله: (يناجي)، والجملة حال، والمعنى: يناجي رجلا يحادثه. وفي رواية أبي داود: (ورسول الله صلى الله عليه وسلمنجي في جانب المسجد)، يعني: مناج، كنديم، بمعنى: منادم، ووزير بمعنى موازر، وإنما ذكر من باب المفاعلة ليدل على أن الرجل أيضا يشاركه في الحديث. قيل: لم يعرف اسم الرجل ما هو؟ وقيل: كان كبيرا في قومه فأراد أن يتألفه، صلى الله عليه وسلم، على الإسلام، وليس لهذا دليل. قلت: لا يبعد أن يكون هذا ملكا، وأنس، رضي الله تعالى عنه، رآه في صورة رجل. قوله: (حتى نام القوم)، وزاد شعبة عن عبد العزيز: (ثم قام فصلى)، وهذه الزيادة عند البخاري في الاستئذان، ولمسلم أيضا. وقال الكرماني: ونام القوم، أي: نعس بعض القوم. قلت: الظاهر أنه فسر هذا هكذا من عنده، ولكنه وقع هكذا في رواية ابن حبان من وجه آخر: عن أنس، ووقع في مسند إسحاق بن راهويه: عن ابن علية عن عبد العزيز فيه: حتى نعس بعض القوم، ولو كان وقت الكرماني على هذا لكان أشار إليه بوجه ما.
ذكر ما يستفاد منه فيه: جواز مناجاة الاثنين بحضور الجماعة، وقال بعضهم: وفي الحديث جواز مناجاة الواحد بحضرة الجماعة. قلت: باب المفاعلة لا يسند إلى الواحد، ولو كان هذا القائل وقف على معاني الأفعال لقال مثل ما قلنا. وفيه: جواز الفصل بين الإقامة والإحرام للضرورة، وقال صاحب (التلويح) وفيه: جواز الكلام بعد الإقامة، وإن كان إبراهيم والزهري وتبعهما الحنفيون: كرهوا ذلك، حتى قال بعض أصحاب أبي حنيفة: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة وجب على الإمام التكبير. وقال مالك: إذا بعدت الإقامة رأيت أن تعاد الإقامة استحبابا. قلت: إنما كره الحنفية الكلام بين الإقامة والإحرام إذا كان لغير ضرورة، وأما إذا كان لأمر من أمور الدين فلا يكره. وفيه: جواز تأخير الصلاة عن أول وقتها.
28 (()) باب الكلام إذا أقيمت الصلاة أي: هذا باب جواز الكلام لأجل مهم من الأمور عند إقامة الصلاة، وكأن البخاري أراد بذلك الرد على من كرهه مطلقا.
643 حدثنا عياش بن الوليد قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا حميد قال سألت ثابتا البناني عن الرجل يتكلم بعد ما تقام الصلاة فحدثني عن أنس بن مالك قال أقيمت الصلاة فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم رجل فحبسه بعد ما أقيمت الصلاة.
مطابقته للترجمة في قوله: (فحبسه بعدما أقيمت الصلاة)، لأن معناه: حبسه عن الصلاة بسبب التكلم معه.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: عياش، بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة: ابن الوليد، بفتح الواو وكسر اللام، وقد تقدم في: باب الجنب يخرج. الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، بالسين المهملة، مر في: باب المسلم من سلم المسلمون. الثالث: حميد، بضم الحاء: الطويل، وقد تقدم. الرابع: ثابت، بالثاء المثلثة: ابن أسلم البناني، بضم الباء الموحدة وتخفيف النون وبعد الألف نون أخرى مكسورة، وهي نسبة إلى: بنانة، زوجة سعد بن لؤي بن غالب ابن فهر. وقيل: كانت حاضنة لبنيه فقط، وقال ابن دريد في (الوشاح): في: باب من دخل في قبائل قريش وهم فيهم إلى اليوم؛
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»