عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٥٣
خزيمة. وعند أصحابنا، وهو قول الجمهور: أنه يكون مدركا لتلك الركعة لحديث أبي بكرة حيث ركع دون الصف، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصا ولا تعد). ولم يأمره بإعادة تلك الركعة، وروى أبو داود من حديث معاوية ابن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبادروني بركوع ولا سجود، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت، وإني قد بدنت). وهذا يدل على أن المقتدي إذا لحق الإمام وهو في الركوع فلو شرع معه ما لم يرفع رأسه يصير مدركا لتلك الركعة، فإذا شرع وقد رفع رأسه لا يكون مدركا لتلك الركعة، ولو ركع المقتدي قبل الإمام فلحقه الإمام قبل قيامه يجوز عندنا خلافا لزفر، رحمه الله.
22 ((باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة)) أي: هذا باب يذكر فيه متى تقوم الجماعة إذا رأوا الإمام عند إقامة الصلاة، وحديث الباب يبين ذلك.
637 حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال كتب إلي يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت االصلاة فلا تقوموا حتى تروني ي: 638، 909).
مطابقته للترجمة من حيث إن معنى الحديث أن الجماعة لا يقومون عند الإقامة إلا حين يرون أن الإمام قام، وقد بين ذلك معنى الترجمة التي فيها الاستفهام عن وقت قيام الناس إلى الصلاة، وقد اختلف العلماء في وقت قيام الناس إلى الصلاة على ما نبينه عن قريب إن شاء الله تعالى.
ذكر رجاله: وهم خمسة، قد ذكروا. و: هشام هو الدستوائي، وأبو قتادة الحارث بن ربعي.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: الكتابة وهي طريق من طرق الحديث، وهو أن يكتب مسموعه لغائب أو حاضر إما أن تكون مقرونة بالإجازة أو لا، وذلك عندهم معدود في المسند الموصول، وظاهر قوله: (كتب إلي يحيى) أنه لم يسمعه منه، وقد رواه الإسماعيلي من طريق هشيم عن هشام وحجاج الصواف، وكلاهما عن يحيى، وهو من تدليس الصيغ، وصرح أبو نعيم في (المستخرج) من وجه آخر: عن هشام أن يحيى كتب إليه أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه، فأمن من تدليس يحيى. وفيه: القول في أربعة مواضع.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن أبي نعيم عن شيبان عن يحيى به، وعن عمرو بن علي عن أبي قتيبة. وأخرجه مسلم فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن إسحاق بن إبراهيم وعن ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية وعن محمد بن حاتم وعبيد الله بن سعيد. وأخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل وعن إبراهيم بن موسى وعن أحمد بن صالح. وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن محمد. وأخرجه النسائي فيه عن الحسين ابن حريث وعن علي بن حجر.
ذكر ما يستفاد منه: قوله: (أقيمت الصلاة) أي: ذكرت ألفاظ الإقامة ونودي بها. قوله: (حتى تروني) أي: تبصروني خرجت، وبه صرح ابن حبان من طريق عبد الرزاق وحده: (حتى تروني خرجت)، ولا بد فيه من التقدير، تقديره: لا تقوموا حتى تروني خرجت فإذا رأيتموني خرجت فقوموا. وقد اختلف السلف متى يقوم الناس إلى الصلاة؟ فذهب مالك وجمهور العلماء إلى أنه ليس لقيامهم حد، ولكن استحب عامتهم القيام إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس، رضي الله تعالى عنه، يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة وكبر الإمام، وحكاه ابن أبي شيبة عن سويد بن غفلة، وكذا قيس بن أبي حازم وحماد، وعن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز: إذا قال المؤذن: الله إكبر، وجب القيام، وإذا قال: حي على الصلاة، اعتدلت الصفوف، وإذا قال: لا إله إلا الله، كبر الإمام. وذهبت عامة العلماء إلى أنه: لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة. وفي (المصنف): كره هشام يعني ابن عروة أن يقوم حتى يقول المؤذن: قد قامت الصلاة، وعن يحيى بن وثاب: إذا فرغ المؤذن كبر، وكان إبراهيم يقول: إذا قامت الصلاة كبر، ومذهب الشافعي وطائفة أنه يستحب أن لا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وهو قول أبي يوسف، وعن
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»