عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٩
للجماعة المخاطبين من الصحابة قوله ' فارتحلوا ' بصيغة الجمع من الماضي أي ارتحلوا عقيب أمر النبي بذلك ويروى ' فارتحل ' أي النبي (فإن قلت) ما كان السبب في أمره بالارتحال من ذلك المكان (قلت) بين ذلك في رواية مسلم عن أبي حازم عن أبي هريرة ' فإن هذا منزل حضر فيه الشيطان ' وقيل كان ذلك لأجل الغفلة وقيل لكون ذلك وقت الكراهة وفيه نظر لأن في حديث الباب ' لم يستيقظوا حتى وجدوا حر الشمس ' وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة وقيل الأمر بذلك منسوخ بقوله ' من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ' وفيه نظر لأن الآية مكية والقصة بعد الهجرة قوله ' فسار غير بعيد ' يدل على أن الارتحال المذكور وقع على خلاف سيرهم المعتاد قوله ' فدعا بالوضوء ' بفتح الواو وقوله ' ونودي بالصلاة ' المراد من النداء هو التأذين لأنه صرح في رواية مسلم من حديث أبي قتادة التصريح بالتأذين قوله ' إذا هو برجل ' لم يعلم اسمه وقال صاحب التوضيح هو خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري أخو رفاعة وفيه نظر لأن ابن الكلبي قال هو شهد بدرا وقتل يوم إذ فوقعة البدر مقدمة على هذه القصة فاستحال أن يكون هو إياه وقيل له رواية فإذا صح هذا يكون قد عاش بعد النبي (قلت) لا يلزم من روايته عيشه بعد النبي لاحتمال انقطاعها أو نقلها صحابي آخر قوله ' معتزل ' أي منفرد عن الناس قوله ' ولا ماء ' قال بعضهم بفتح الهمزة أي معي (قلت) تفسيره تفسير من لم يمس شيئا من علم العربية لأن كلمة لا على قوله لنفي جنس الماء فأي شيء يقدر خبرها بقوله معي وعدم الماء عنده لا يستلزم عدمه عند غيره فحينئذ لا يستقيم نفي جنس الماء ويجوز أن تكون لا ههنا بمعنى ليس فيرتفع الماء حينئذ ويكون المعنى ليس ماء عندي قوله ' عليك بالصعيد ' كلمة عليك من أسماء الأفعال ومعناه الزم والألف واللام في الصعيد للعهد المذكور في الآية الكريمة وفي رواية سلم بن زرير ' فأمره أن يتيمم بالصعيد ': (قلت) سلم بفتح السين وسكون اللام وزرير بفتح الزاي المعجمة وبراءين مهملتين بينهما ياء آخر الحروف أولهما مقصورة قوله ' يكفيك ' أي لإباحة الصلاة والمعنى يكفيك للصلاة ما لم تحدث قوله ' فاشتكى الناس إليه ' أي إلى النبي ويروى ' فاشتكوا الناس ' من قبيل أكلوني البراغيث قوله ' فدعا فلان ' هو عمران بن الحصين راوي الحديث ويدل على ذلك قوله في رواية ابن زرير ' ثم عجلني النبي في ركب بين يديه فطلب الماء ' وهذه الرواية تدل على أنه كان هو وعلي رضي الله تعالى عنه فقط لأنهما خوطبا بلفظ التثنية وهو قوله ' اذهبا فابتغيا الماء ' (فإن قلت) في رواية ابن زرير في ركب فهذا يدل على الجماعة (قلت) يحتمل أن يكون معهما غيرهما ولكنهما خصا بالخطاب لأنهما تعينا مقصودين بالإرسال قوله ' فابتغيا ' من الابتغاء وهو الطلب يقال بغيت الشيء وابتغيته وتبغيته إذا طلبته وابتغيتك الشيء جعلتك طالبا له وفي رواية الأصيلي ' فابغيا ' ولأحمد ' فابغيانا ' قوله ' فتلقيا ' ويروى ' فلقيا ' قوله ' بين مزادتين ' المزادة بفتح الميم وتخفيف الزاي الراوية ويجمع على مزاد ومزائد وسميت مزادة لأنها يزاد فيها جلد آخر من غيرها ولهذا قيل أنها أكبر من القربة وتسمى أيضا السطيحة بفتح السين وكسر الطاء وقال ابن سيده السطيحة المزادة التي بين الأديمين قوبل أحدهما بالآخر وفي الجامع هي إداوة تتخذ من جلدين وهي أكبر من القربة قوله ' أو سطيحتين ' شك من الراوي وقال بعضهم شك من عوف (قلت) تعيينه به من أين وفي رواية مسلم ' فإذا نحن بامرأة سادلة ' أي مدلية رجليها بين مزادتين قوله ' أمس ' هو عند الحجازيين مبني على الكسر ومعرب غير منصرف للعدل والعلمية عند التميميين فعلى هذا هو بضم السين (فإن قلت) ما موقعه من الإعراب (قلت) مرفوع على أنه خبر المبتدأ وهو قوله ' عهدي ' قوله ' هذه الساعة ' منصوب بالظرفية وقال ابن مالك أصله في مثل هذه الساعة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قوله ' ونفرنا ' وفي المحكم النفر والنفر والنفير والنفور ما دون العشرة من الرجال والجمع أنفار وفي الواعي النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة والعرب تقول هؤلاء نفرك أي رهطك ورجالك الذين أنت معهم وهؤلاء عشرة نفر أي عشرة رجال ولا يقولون عشرون نفرا ولا ثلاثون نفرا تقول العرب جاءنا في نفره ونفيره ونفرته كلها بمعنى سموا بذلك لأنهم إذا حزبهم أمر اجتمعوا ثم نفروا إلى عدوهم وقال الخطابي لا واحد قوله ' خلوف ' بضم الخاء جمع الخالف أي المسافر نحو شاهد وشهود ويقال حي خلوف أي غيب وقال ابن عرفة الحي خلوف أي خرج الرجال وبقيت
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»