صلاة إلا التي أقيمت ولم يقل ذلك في حال الخطبة بل أمرهم فيها بالصلاة (السابع) قيل اتفقوا على سقوط التحية عن الإمام مع كونه يجلس على المنبر مع أن له ابتداء الكلام في الخطبة دون المأموم فيكون ترك المأموم التحية بطريق الأولى وتعقب بأنه أيضا قياس في مقابلة النص فهو فاسد ولأن الأمر وقع مقيدا بحال الخطبة فلم يتناول الخطيب وقال الزين بن المنير منع الكلام إنما هو لمن شهد الخطبة لا لمن خطب فكذلك الأمر بالإنصات واستماع الخطبة (الثامن) قيل لا نسلم أن المراد بالركعتين المأمور بهما تحية المسجد بل يحتمل أن تكون صلاة فائته كالصبح مثلا قاله بعض الحنفية وقواه بن المنير في الحاشية وقال لعله صلى الله عليه وسلم كان كشف له عن ذلك وإنما استفهمه ملاطفة له في الخطاب قال ولو كان المراد بالصلاة التحية لم يحتج إلى استفهامه لأنه قد رآه لما دخل وقد تولى رده ابن حبان في صحيحه فقال لو كان كذلك لم يتكرر أمره له بذلك مرة بعد أخرى ومن هذه المادة قولهم إنما أمره بسنة الجمعة التي قبلها ومستندهم قوله في قصة سليك عند ابن ماجة أصليت قبل أن تجئ لأن ظاهره قبل أن تجئ من البيت ولهذا قال الأوزاعي إن كان صلى في البيت قبل أن يجئ فلا يصلي إذا دخل المسجد وتعقب بأن المانع من صلاة التحية لا يجيز التنفل حال الخطبة مطلقا ويحتمل أن يكون معنى قبل أن تجئ أي إلى الموضع الذي أنت به الآن وفائدة الاستفهام احتمال أن يكون صلاها في مؤخر المسجد ثم تقدم ليقرب من سماع الخطبة كما تقدم في قصة الذي تخطى ويؤكده أن في رواية لمسلم أصليت الركعتين بالألف واللام وهو للعهد ولا عهد هناك أقرب من تحية المسجد وأما سنة الجمعة التي قبلها فلم يثبت فيها شئ كما سيأتي في بابه (التاسع) قيل لا نسلم أن الخطبة المذكورة كانت للجمعة ويدل على أنها كانت لغيرها قوله للداخل أصليت لأن وقت الصلاة لم يكن دخل أه وهذا ينبنى على أن الاستفهام وقع عن صلاة الفرض فيحتاج إلى ثبوت ذلك وقد وقع في حديث الباب وفي الذي بعده أن ذلك كان يوم الجمعة فهو ظاهر في أن الخطبة كانت لصلاة الجمعة (العاشر) قال جماعة منهم القرطبي أقوى ما اعتمده المالكية في هذه المسألة عمل أهل المدينة خلفا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك أن التنفل في حال الخطبة ممنوع مطلقا وتعقب بمنع اتفاق أهل المدينة على ذلك فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة أيضا فروى الترمذي وابن خزيمة وصححاه عن عياض بن أبي سرح أن أبا سعيد الخدري دخل ومروان يخطب فصلى الركعتين فأراد حرس مروان أن يمنعوه فأبى حتى صلاهما ثم قال ما كنت لأدعهما بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بهما انتهى ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحا ما يخالف ذلك وأما ما نقله ابن بطال عن عمر وعثمان وغير واحد من الصحابة من المنع مطلقا فاعتماده في ذلك على روايات عنهم فيها احتمال كقول ثعلبة بن أبي مالك أدركت عمر وعثمان وكان الإمام إذا خرج تركنا الصلاة ووجه الاحتمال أن يكون ثعلبة عنى بذلك من كان انظر المسجد خاصة قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي كل من نقل عنه يعني من الصحابة منع الصلاة والإمام يخطب أمرهم على من كان انظر المسجد لأنه لم يقع عن أحد منهم التصريح بمنع التحية وقد ورد فيها حديث يخصها فلا تترك بالاحتمال انتهى ولم أقف على ذلك صريحا عن أحد من الصحابة وأما ما رواه الطحاوي عن عبد الله بن صفوان أنه دخل
(٣٤٠)