والجواب عن حديث ابن عمر بأنه ضعيف فيه أيوب بن نهيك وهو منكر الحديث قاله أبو زرعة وأبو حاتم والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله وأما قصة سليك فقد ذكر الترمذي أنها أصح شئ روى في هذا الباب وأقوى وأجاب المانعون أيضا بأجوبة غير ما تقدم اجتمع لنا منها زيادة على عشرة أوردتها ملخصة مع الجواب عنها لتستفاد (الأول) قالوا إنه صلى الله عليه وسلم لما خاطب سليكا سكت عن خطبته حتى فرغ سليك من صلاته فعلى هذا فقد جمع سليك بين سماع الخطبة وصلاة التحية فليس فيه حجة لمن أجاز التحية والخطيب يخطب والجواب أن الدارقطني الذي أخرجه من حديث أنس قد ضعفه وقال إن الصواب أنه من رواية سليمان التيمي مرسلا أو معضلا وقد تعقبه ابن المنير في الحاشية بأنه لو ثبت لم يسغ على قاعدتهم لأنه يستلزم جواز قطع الخطبة لأجل الداخل والعمل عندهم لا يجوز قطعه بعد الشروع فيه لا سيما إذا كان واجبا (الثاني) قيل لما تشاغل النبي صلى الله عليه وسلم بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع عنه إذ لم يكن منه حينئذ خطبة لأجل تلك المخاطبة قاله ابن العربي وادعى أنه أقوى الأجوبة وتعقب بأنه من أضعفها لأن المخاطبة لما انقضت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خطبته وتشاغل سليك بامتثال ما أمره به من الصلاة فصح أنه صلى في حال الخطبة (الثالث) قيل كانت هذه القصة قبل شروعه صلى الله عليه وسلم في الخطبة ويدل عليه قوله في رواية الليث عند مسلم والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر وأجيب بأن القعود على المنبر لا يختص بالابتداء بل يحتمل أن يكون بين الخطبتين أيضا فيكون كلمه بذلك وهو قاعد فلما قام ليصلى قام النبي صلى الله عليه وسلم للخطبة لأن زمن القعود بين الخطبتين لا يطول ويحتمل أيضا أن يكون الراوي تجوز في قوله قاعد لأن الروايات الصحيحة كلها مطبقة على أنه دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب (الرابع) قيل كانت هذه القصة قبل تحريم الكلام في الصلاة وتعقب بأن سليكا متأخر الإسلام جدا وتحريم الكلام متقدم جدا كما سيأتي في موضعه في أواخر الصلاة فكيف يدعي نسخ المتأخر بالمتقدم مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال وقيل كانت قبل الأمر بالإنصات وقد تقدم الجواب عنه وعورض هذا الاحتمال بمثله في الحديث الذي استدلوا به وهو ما أخرجه الطبراني عن ابن عمر إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام لاحتمال أن يكون ذلك قبل الأمر بصلاة التحية والأولى في هذا أن يقال على تقدير تسليم ثبوت رفعه يخص عمومه بحديث الأمر بالتحية خاصة كما تقدم (الخامس) قيل اتفقوا على أن منع الصلاة في الأوقات المكروهة يستوي فيه من كان داخل المسجد أو خارجه وقد اتفقوا على أن من كان انظر المسجد يمتنع عليه التنفل حال الخطبة فليكن الآتي كذلك قاله الطحاوي وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد وما نقله من الاتفاق وافقه عليه الماوردي وغيره وقد شذ بعض الشافعية فقال ينبنى على وجوب الإنصات فإن قلنا به أمتنع التنفل وإلا فلا (السادس) قيل اتفقوا على أن الداخل والإمام في الصلاة تسقط عنه التحية ولا شك أن الخطبة صلاة فتسقط عنه فيها أيضا وتعقب بأن الخطبة ليست صلاة من كل وجه والفرق بينهما ظاهر من وجوه كثيرة والداخل في حال الخطبة مأمور بشغل البقعة بالصلاة قبل جلوسه بخلاف الداخل في حال الصلاة فإن إتيانه بالصلاة التي أقيمت يحصل المقصود هذا مع تفريق الفاء بينهما فقال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وقد وقع في بعض طرقه فلا
(٣٣٩)