مشروعية طلب الشهادة وإن كانت تستلزم ظهور الكافر على المسلم ومن الأول قول موسى عليه السلام ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبه الآية وفيه سلوك الورع في الدعاء واستدل به على أن الأوليين من الرباعية متساويتان في الطول وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده (قوله عن محمود بن الربيع) في رواية القدرة عن سفيان حدثنا الزهري سمعت محمود ابن الربيع ولابن أبي عمر عن سفيان بالإسناد عند الإسماعيلي سمعت عبادة بن الصامت ولمسلم من رواية صالح بن جلس عن ابن شهاب أن محمود بن الربيع أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره وبهذا التصريح الإخبار يندفع تعليل من أعله بالانقطاع لكون بعض الرواة أدخل بين محمود وعبادة رجلا وهي رواية ضعيفة عند الدارقطني (قوله لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) زاد الحميدي عن سفيان فيها كذا في مسنده وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن الحميدي أخرجه البيهقي وكذا لابن أبي عمر عند الإسماعيلي ولقتيبة وعثمان بن أبي شيبة عند أبي نعيم في المستخرج وهذا يعين أن المراد القراءة في نفس الصلاة قال عياض قيل يحمل على نفى الذات وصفاتها لكن الذات غير منتفية فيخص بدليل خارج ونوزع في تسليم عدم نفى الذات على الإطلاق لأنه أن ادعى أن المراد بالصلاة معناها اللغوي فغير مسلم لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه لأنه المحتاج إليه فيه لكونه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات اللغة وإذا كان المنفى الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء ولا الكمال لأنه يؤدي إلى الإجمال كما نقل عن القاضي أبي بكر وغيره حتى مال إلى التوقف لأن ففي الكمال يشعر بحصول الإجزاء فلو قدر الإجزاء منتفيا لأجل العموم قدر ثابتا لأجل إشعار نفى الكمال بثبوته فيتناقض ولا سبيل إلى إضمار هما معا لأن الاضمار إنما احتيج إليه للضرورة وهي مندفعة بإضمار فرد فلا حاجة إلى أكثر منه ودعوى إضمار أحدهما ليست بأولى من الآخر قاله ابن دقيق العيد وفي هذا الأخير نظر لأنا إن سلمنا تعذر الحمل على الحقيقة فالحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة أولى من الحمل على أبعدهما ونفى الإجزاء أقرب إلى نفى الحقيقة وهو السابق إلى الفهم ولأنه يستلزم نفي اكمال من غير عكس فيكون أولى ويؤيده رواية الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي أحد شيوخ البخاري عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وتابعه على ذلك زياد بن أيوب أحد الأثبات أخرجه الدارقطني وله شاهد من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ أخرجه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما ولأحمد من طريق عبد الله بن سوادة القشيري عن رجل عن أبيه مرفوعا لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن وقد أخرج ابن خزيمة عن محمد بن الوليد القرشي عن سفيان حديث الباب بلفظ لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فلا يمتنع أن يقال إن قوله لا صلاة نفى بمعنى النهي أي لا تصلوا إلا بقراءة فاتحة الكتاب ونظيره ما رواه مسلم من طريق القاسم عن عائشة مرفوعا لا صلاة بحضرة الطعام فإنه في صحيح بن حبان بلفظ لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام أخرجه مسلم من طريق حاتم بن إسماعيل وغيره عن يعقوب بن مجاهد عن القاسم وابن حبان من طريق حسين بن علي وغيره عن يعقوب به وأخرج له ابن حبان أيضا شاهدا من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ وقد قال بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الحنفية لكن بنوا على قاعدتهم
(٢٠٠)